41

(الدراجة النارية)


مرت الايام صعبة في منزل آل جراى، وكأن الخريف قد اشرع ابوابه داخل اسوار المنزل وطابت له الاقامته ونسي الرحيل!

لقد مر يومان على ذلك الاتصال من المجرم، وتحسنت نفسية ميليسا قليلا، جاء مايكل لزيارتها وكان محملا بالزهور التي تحبها.

كانت مشاعره ظاهره في عينيه وهو يقول: "اتمنى ان لا تقفلي الباب في وجه ما يحدث بيننا، اتركي الامور لتأخذ مجراها، فربما نصل لشيء ما"

لا تعلم لما خطر جاك في بالها في هذه اللحظات، لم يتصل بها او يظهر نهائيا منذ ذلك اليوم، بالرغم منه انه وعدها بالمساعدة، فكرت انه ربما قد غير رأيه.

ميليسا: "وربما لن نصل، مايكل"
ابتسم بثقة وقال: "فقط اتركي الامور على حالها، ونحن لن نستجعل شيئا، حسنا؟"
اومأت ميليسا، فهي في مرحلة لا تعرف كيف تفكر ولا ان تقرر في من يجب عليها ان تثق ومن لا يستحق ثقتها.

بعد ان إطمأن عليها قرر مايكل الرحيل، فستأذن لخرج، ولكن قبل ان يخرج طلب منها ان ترد على اتصالاته التي بدأت تتجاهلها مؤخرا.

جلست وحيدة في شرفة غرفتها تفكر في كل ما يحدث معها، الى وقف بجانبها بدون ان تشعر به يدخل ولم تسمع وقع خطواته.

جلس بجانبها فنظرت له وابتسمت.
رد ابتسامتها قائلا: "هل اعلمك التسلل؟"
رفعت حاجبيها في هي حيرة وهي مستمتعة بحديثه وقالت: "ولم قد افعل اذلك؟ اقصد لم اتعلم التسلل!؟"
قال آدم ببرائة: "حتى اذا اختطفك القاتل تستطيعين التسلل والهرب منه!"

على الرغم من حزنها الشديد، الا انها ضحكت بشدة اكبر.
ميليسا: "ما رأيك ان تنقذني انت حينها؟ فأنا فاشلة في التعلم!"
آدم بسعادة وثقة: "بالطبع"
ميليسا: "بشرط ان لا يكون فيها تسلق الحبال المتدلية من الشرفات!"

انفجر الاثنان ضاحكين.

طرقات خفيفة على باب الغرفة سمعتها ميليسا من حيث هي جالسة في الشرفة.
قالت بصوت عالي حتى يسمعها الطارق: "ادخل"

دخلت سارة وهي تنظر حولها وتقول: "ميليسا! هل رأيتي ذلك المشاغب آد...."
اكملت سارة بعد ان رأت آدم: "ها انت ذا، الم اقل لك ان تذهب للنوم لقد تأخر الوقت!"
ميليسا جذبت آدم ناحيتها وقالت: "اتركي صديقي الصغير المخلص" وشددت على كلمة مخلص واكملت بإستفزاز: "ليس مثل بعض الاصدقاء ان وجدوا احبائهم نسوا اصدقائهم"
آدم بمزاح: "نسوا حتى اخوانهم!"
سارة: "هكذا اذا، لقد اتفقتما علي؟"

ميليسا: "هل نحن نفعل يا آدم؟"
اومأ آدم نافيا، كانا يحرجانها عمداً.
قالت ميليسا بحزن مصطنع: "اذهبي ولا تهتمي لنا سنكون بخير"
سمعوا صوت كريستيان في الباب فقال آدم: "ها قد لحقها باتمان"
غمزت له ميليسا وانفجروا في الضحك.
دخل كريستيان ووجد وجه سارة غاضب وميليسا وآدم يضحكان فقال بمزاح: "لما تغضبان زوجتي؟"

ميليسا تتظاهر بأنها تحدث آدم فقالت: "ها قد اكتملت العائلة السعيدة يا آدم"
آدم: "لقد لا حظت ذلك" توجهت سارة بغضب زائف نحو داخل الغرفة، الى سرير سارة واخدت الوسائد الثلاثة وعادت الى الشرفة ورمتهم بالوسائد.
ميليسا: "حرب الوسائد هي اذا"
نظر لهم كريستيان بإبتسامة وحرك رأيه يمين ويسار وخرج وتركهم.
آدم: "لقد هرب باتمان"

وبعد دقائق سقط ثلاثتهم يلهثون ضاحكين.

اصبح صبح اليوم التالي، وكانت سارة لا تزال كعادتها محبة للصباح والفجر ونسمات الاصابيح.

اشتاقت الى المشي في الحديقة وكانت تهم بالنزول بعد صلت هي وكريستيان صلاة الفجر، فسألها "الى اين؟"
قالت مبتسمة: "سأنزل لكي اتمشى قليلا في الحديقة، اشتقت لنسمات الصباح"
كريستيان: "انتظري، سأنزل معك"

أخذا يتمشيان سويا بهدوء منسجم في الحديقة الخلفية، قطع كريستيان الهدوء وقال: "اتذكرين ذاك اليوم الذي اخذت فيه السماعات عندما كنتِ تتمشين هنا"
سارة بإبتسامة للذكرى: "اجل، وهل انسى؟"
كريستيان: "لم اعلم حينها انه قرآن، ولكن اعتقد انه ما بدأ بفتح زر الانارة في قلبي لضوء الحق"
واستمرا في تذكر تلك الايام الجميلة، وكانت اعين مرهقة تراقبهم بحزن مختلط بالسعادة لأجلهما.

فبعد تهديدات القتل تتمنى ان تجد شخص يهتم لها حقا كما يفعل كريستيان لسارة، صحيح انها محاطة بعائلة محبة على عكس سارة التي تيتمت، ولكن الاهتمام من شريك محب شيء جميل.

ادمعت عينيها وهي تنظر لكريستيان وسارة وهي تتمنى ان تحصل على سعادة مثلهما.

نظرت للسماء وقالت في سرها "اذا كنت تسمعني حقا كما تقول سارة، فأرسل لي الراحة، انا بحاجتها، ارجوك"
كان حديثا صامتا خارج من اعماق القلب.
ثم وكأنها صنبور وقد فتح، بعد تلك الكلمات، انفكت عقدة لسانها واسترسلت فالسؤال، بعضه بشكل صامت وبعضه بالدموع، قالت كل ما يخالج قلبها من خوف وضعف.

حتى ان انتهت شعرت بالراحة كأنها قد غسلت روحها بتلك الدموع.





كانت التحضيرات في منزل سالي لحفل استقبال الطفل على قدم وساق، وبالرغم من اعتراضات كريستيان وجورج الا ان النساء الثلاث اصرين على الذهاب.

اوصلهم السائق، كانت الحفلة خاصة بالنساء فقط، حيث ان الحفلة بها بعض من معارف والدة نوا ووالدته مسلمة لذا كانت الحفلة غير مختلطة.

ارتدين نساء آل جراي افخر الثياب وتأنقن لهذه الحفلة ودخلن وهن محملات بالهدايا من اجل الطفل ووالدته.

كانت والدة نوا تبدو امرأة قوية الشخصية، استقبلتهم بترحاب ولكن عينيها لم تفارق سارة منذ ان دخلوا.

وقد لاحظت سارة هذا مما اربكها، قالت سالي: "انا سعيدة لحضوركم، فأقارب والدة نوا يسيطرون على المكان"
كان المكان به نساء من عدة جنسيات، والحفلة ممتعة، حيث ان اغلب التجمعات النسائية تكون ممتعة.

كانت هناك بعض الاصناف من الحلويات العربية والتي استغربت سارة لوجودهر لأنها نفس انواع بلادها، ومن الصعب اتقانها الا من اهل البلد انفسهم، اخذت احدى الانواع الذي اشتاقت لتذوقه وعندما تذوقته لاحظت انه متقن جدا.

اقتربت منها السيدة عاتيكا والدة نوا، هل اعجبتك؟

ابتسمت لها سارة واومأت برأسها ثم قالت: "انها لذيذة حقا"
تبادلتا الحديث لفترة، او لنقل التحقيق، فقد بدا ان والدة نوا وكأنها تحقق مع سارة في اصلها ومن اين اهلها وغيرها من التفاصيل الشخصية، مما ازعج سوزي اكثر من سارة نفسها.
وقد لاحظت السيدة عاتيكا ذلك فقالت موجهة حديثها الى سوزي وعلى شفتيها ابتسامة معتذرة: "اسفة ان ازعجتكم سيدة جراي، فقط احب التعرف على الناس، عادة سيئة اعتقد انني يجب ان اتخلص منها"

ثم ذهبت الى باقي الضيوف.
كانت الحفلة ممتعة واستمتعوا بها ثلاثتهم حتى سوزي رغم قدمها المكسورة.

جاء موعد الرحيل وودعوا سالي والسيدة عاتيكا وخرجوا، كانوا يقفون امام باب المنزل في انتظار السائق ليحضر السيارة، وفجأة مرت دراجة نارية بها شخصان، وحدث كل ذلك في لمح البصر، ولكن المشهد وكأنه بالصورة البطيئة.

مندمجات بالحديث عن الفساتين والحفل كعادة النساء بعد كل حفل وحول الاطلالات للنساء في الحفل.
مرت دراجة نارية واول من لاحظها هي سوزي، كان بها شخصان احدهما يقود والاخر اخذ زجاجه ومى محتواها نحوى ميليسا، ودوت صرخة اعلى من اصوات السيارات المارة.

تجمع بعض المارة حولهم وركض نحوهم السائق.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي