37

(الزائر المزعج)

التوتر سائد في الاجواء في منزل آل جراي، فهذه الحادثة سابقةٌ ولم يصدف ابدا ان واجهوا مثلها.

جورج ذاك الثابت في اقوى المواقف والمشاكل يبدو الآن في قمة توتره واهتزازه.
دخل الشرطي وقام بإعطاء ورقة نتيجة تحليل الدماء المسكوبة في شرفة غرفة نوم ميليسا.

ذهل المفتش في اول الامر عندما قرأ الورقة ثم علت شفتيه ابتسامة ماكرة وقال: انها ليست دماء.
انصت الجميع بإنتباه، جورج وسوزي وميليسا يترقبون ما سينطق به المفتش.
جورج: ماذا تقصد ايها المفتش؟
المفتش: انها ليست دماء، انما سائل لزج يستخدم في الافلام السينمائية ويتم اضافة اللون الأحمر له.
سوزي: يا الهي، ولم قد يفعل احد ذلك؟
المفتش: يبدو انها رسالة او تهديد، حيث ان رأس القطة المقطوع ماهو الا دمية مصنوعة بإتقاء لتحاكي الواقع وتستخدم ايضا في الافلام السينمائية.
نظر الجميع ناحية ميليسا، والتي لم تكن تعلم لما قد يفعل احد ما لها ذلك.
ولكنها ايضا لم تحتمل نظرات التساؤلات التي في عيني والديها، وقفت وقالت: سأذهب للنوم.
وقفت سوزي وقالت: سآتي معك، ربما عليكِ النوم معي في غرفتي، وسينام والدك في غرفتك او في احدى غرف الضيوف.
ميليسا: سأنام في غرفة سارة وآدم سابقا، على الاقل هذه الليلة، ولا يوجد داعي لان تنامي معي يا امي حقا، سأتأكد من اقفال النوافذ والشرفة بشكل جيد.

نظرا جورج وسوزي الى بعضهما ولكنها تركوها على راحتها، فهذا ما يفعلونه دائما، تتمنى احيانا ان يناقشاها ولكن كل ما كان يقوله والدها، "اريد ان اجعلكِ تتعلمين من اخطائك، فإن لم تتعلمي منها ولم اترك لكِ حرية الاختيار فلن تتعلمي ابدا. صدقيني يا ابنتي كل خيار ستتخذينه سيكون اكثر حكمة من سابقه".

استلقت على السرير وهي سارحة بأفكارها وخطرت على بالها سارة وآدم عندما كانا في هذه الغرفة، كم كانوا سعيدين مع بعض، الى ان فرقت بينهم تلك المعتوهة فيرونيكا.

ولكن حمدا لله عادت صداقتهم واقوى من ذي قبل، فالعلاقات التي تمحص وتوضع تحت المجهر وتختبر وبعدها تتعافى تكون من اشد واقوى العلاقات.

لم تستطع النوم، تقلبت عدة مرات في سريرها ولكن لم تستطع، ففتحت حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي، وبحثت عن اسم جاك ولقبه فهو رياضي مشهور جدا، وجدت صفحته الشخصية، كانت بها العديد من الصور الشخصية ومن بعض الصور برفقة اصدقائه واهله وبعض النساء.
ترددت في ارسال طلب صداقة، ولكنها ارسلته في النهاية، لم تمر حتى خمس دقائق حتى تم قبول طلب الصداقة.
تريد ارسال رسالة ولكن الوقت متأخر، كتبت الرسالة مرتين ومسحتها ولكن في آخر الامر وفي نفس اللحظة التي ارسلت فيها هي كلمة "مرحبا".
ارسل هو ايضا "مرحبا"
ميليسا: "هل تعرفت علي، ام ان شخص مشهور مثلك يقبل طلبات الصداقة بهذه السرعة، ويقوم بالرد على المراسلة ايضا!"
ارسل جاك وجه مبتسم وكتب: "انا الذي ارسلت الرسالة اولا ولم اقم بالرد، فبدوت مترددة وانتِ تكتبين".
ارسلت: "وكيف تعرف ذلك؟"
ارسل وجه ضاحك وقال: "يظهر لي ان ميليسا تقوم بالكتابة ولكن لم يصلني شي، فقررت اخذ المبادرة منك"
ارسلت وجه شرير وقالت: "اريد الاتصال، لقد حدثت اشياء فضيعة الليلة ولم استطع النوم"

اتصل بها مكالمة فيديو على الفور، ولكنها اجابت ولم تفتح الكاميرا، فقال: "افتحي الكاميرا"
ميليسا: "لقد مررت بيوم صعب جدا ولا ابدو في افضل حالاتي".
وبدأت تحكي له ما حصل لها منذ ذلك الحلم المفزع حتى صعودها الى غرفتها.
كان متفاجأ ولم يتحدث لبرهة ولو انها كانت لا تراه عبر الكاميرا لقالت انه نام.
بعد قليل اخبرها ان عليها ان تحاول ربط الاحداث والبحث داخل عقلها فمن المؤكد ان هذا شخص يريد الانتقام.

واخبرها ان عليها الاتصال بكريستيان واخباره فهي في خطر.
ولكنها لا تريد الافساد على كريستيان وسارة شهر عسلهما، ستحاول تدبر امرها وسيساعدها والدها.

بعد ساعة نامت والخط مفتوح، فقام جاك بإرسال رسالة صوتية يخبرها فيها ان عليها ان تتصل به في الصباح قبل ان تذهب إلى الشركة.

بسبب عدم نومها بشكل جيد في الليلة السابقة، لم تستيقظ باكرا في صباح اليوم التالي.
ما ايقظها الآن هو طرقات على باب غرفتها، فتحت عينيها بتثاقل وقالت: من؟ ادخل.
كانت احدى الخادمات تخبرها ان والديها في انتظارها في الاسفل يريدان التحدث اليها.
قالت في سرها "سيبدأ التحقيق".

غسلت وجهها وابدلت ملابسها ثم نزلت لتجدهم جالسين في غرفة الجلوس، قالت والدتها ما ان رأتها: عزيزتي كيف كانت ليلتك هل نمتي جيدا؟
اومأت ميليسا برأسها ايجابا وجلست.
ثم اخبرها والدها انه سيقوم بتعيين حارس شخصي لها ،وهذا الحارس سيحرسها الى عند باب غرفتها، حتى تتمكن الشرطة من ايجاد الفاعل.
اعترضت ميليسا، فهم لا يعلمون كم سيستمر التحقيق والبحث عن الفاعل وهي لا تستطيع تحمل كل هذه الفترة بصحبة حارس شخصي.

- "اذا ستبقين طوال هذه المدة في المنزل حتى نعثر على الفاعل، هل تستطعين القيام بذلك؟" قال والدها.
-"انا اليوم لن اخرج، اذا امهلني بعض الوقت لأفكر يا ابي"
- "لا عزيزتي لا نستطيع امهالك بعض الوقت، سيقوم والدك بالبحث فورا عن حارس شخصي، وفي الحقيقة المفتش كان متعاونا جدا وقال انه سيساعدنا في العثور على حارس شخصي جيد"
ميليسا بنفاذ صبر قالت: "ابي، امي اين الاعتماد على النفس واخذ القرارات وتحمل النتائج، اين كلامكما هذا"
قال جورج بغضب: "اذا اصابك مكروه لن يتحمل احد النتائج سوى انا ووالدتك، وهذه المرة لن يكون القرار لكِ"
سوزي: "عزيزتي، انا ووالدك خائفين عليكِ كثيرا، افعلي هذا من اجلنا"
ميليسا: "حسنا، ان كان هذا يريحكما سأفعله"
جورج: "نحن لا نتناقش في راحة اي احد منا هنا، لسنا في موقف البحث عن الراحة والرفاهية، نحن نتحدث عن أمانك وسلامتك"

تقبلت ميليسا وجهة نظرهما ووافقت ولكنها قالت انها ستطلب من صديق توفير حارس شخصي لها، وليس من المفتش.
ولكن والدها رفض، وقال لها ان من يفعل هذا بها احد معارفها واصدقائها، فلا يستطيع الوثوق في احد منعم.
وبعد اصرار منها وافق على شريطة ان يقابله اولا ثم سيقرر ان كان يستحق ثقتهم ام لا.

توجهت الى غرفتها، اخذت هاتفها ووجدت رسالة صوتية من جاك، يطلب منها ان تتصل به فور ان تستيقظ.

اتصلت به واخبرته ما قاله والدها، وطلبت منه ان يبحث لها عن حارس شخصي ولكن غير شديد ومتزمت.
- "اريده، لطيف ومرح، وغير عصبي او متزمت" ميليسا قالت.
فرد عليها فورا: "ما رأيك ان ابحث لكِ عن زوج، فأنا اعتقد ان هذه مواصفات الزوج"
ضحكت وعندما لم يبادلها الضحك، سكتت ثم قالت: "اذا!؟ هل ستأتي لتقابل ابي؟"

سكت مطولا ثم قال بكل جدية: "بالطبع سوف افعل".

كان اليوم مملا وطويلا بالنسبة الى ميليسا، حيث انها لم تجد شيء لتفعله في المنزل.
بعد ان اعطت رقم جاك لوالدها قال لها ان لا تتدخل في الموضوع وان تبقى تستمع إلى أراءه حتى تصبح بأمان.

دخلت على تطبيق اليوتيوب وقررت اعداد كعكة لتسلي بها نفسها، فهي تحب صنع الكعك ولكن بسبب كثر انشغالها لم تصنع واحدة منذ مدة طويلة.
اتجهت الى المطبخ بكل حماس، هي تعلم انها ستجد اعتراض من الطباخة ولكن لا بأس ستستمتع بمجادلتها فلطالما كانتا على غير وفاق.

وكما توقعت تطلب منها الامر بعض الوقت لتخلي لها هيلين المطبخ، شرعت في التجهيز، وبعد ان اكملت تجهيزها جائتها الخادمة لتخبرها ان صديقها قد جاء.

اسرعت الى الحمام واستحمت وغيرت ثيابها الملطخة بالدقيق والزبدة.
واتجهت الى غرفة الضيوف ووقفت خلف الباب تتسمع الى حديثهم، وقد نسيت أمر الكعكة كليا!

كان في غرفة الضيوف والديها وجاك، وحسب ما تسمعه من خلف الباب، يبدوا ان والدها يعامل جاك وكأنه في جلسة تحقيق، مما أثار حنقها، ف بالرغم من شهرة جاك والدها لم يعامله كأحد المشاهير، بل كان يعامله كمشتبه به.
يا الهي انها غلطتها، كيف تفهم والدها ان علاقتها بجاك لم تتعدى البضعة ايام وهما مجرد معارف وليسوا اصدقاء كما يعتقد.

ولكن جاك يقول شيء ما، قربت اذنها من الباب اكثر وهي تضغط بنفسها عليه حتى تستطيع الاستماع جيدا.
بدا صوت جاك واثقا وهو يقول: "سيد جورج ان ميليسا فتاة طيبة، وهي في الحقيقة غالية على قلبي، صحيح اننا لم نلتقي الا منذ بضعة أيام ولكن لا اعلم ماذا اقول، ولكني حقا اريد مساعدتها في البحث عمن حاول قتلها"
ضحك والدها وقال: "لم أرى في مثل صراحتك في الحقيقة"
قالت سوزي: "انت ذلك الرياضي المشهور صحيح".
ميليسا لم يعجبها الحديث تخشى ان يعتقد جاك انها احضرته الى مصيدة!

جاءت خادمة تحاول الحديث مع ميليسا، ولكن ميليسا منشغلة تريد ان تستمع، اخذت الخادمة تصر فقامت ميليسا بالالتفاف برأسها ناحية الخادمة وهي غاصبة، ولا شعوريا ضغطت بيدها على مقبض الباب، ففتح الباب وسقطت هي داخل الغرفة بسبب انها كانت تضغط بكل وزنها على الباب.

نظر الجميع ناحيتها وهي ارضا، وقالت والدتها: ميليسا؟
جورج: "هل انتِ بخير؟"
احمرت خجلا وانتصبت واقفة بسرعة وقالت: "اسفة، لقد تعثرت، هل تأخرت عليكم".
كانت الخادمة لا تزال تقف خلفها وتحاول لفت انباهها.
لاحظها جورج فقال: "ماي؟ ما الامر؟"
ترددت في الحديث، ولكن سوزي قالت: "ماري تحدثي، تبدين مرعوبة"
ماي: "انا اسفة، ولكن الكعكة احترقت والسيدة هيلين غاضبة بسبب ان كل المطبخ اصبح به غيمة سوداء، وهي تعتقد انني السبب، وقد جئت لأخبر الانسة ميليسا بأن تخبرها بذلك، ولكن الآنسة كانت مشغولة"

كان جاك يستمع وهو مستمتع بإرتباك ميليسا.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي