42

(الشر والخير طريقان متوازيان، لن يسبق احدهما الآخر)

وما الام الا روح تطوف حولنا لتحمينا، بعضهن بالدعاء تفعل، وبعضهن بالايثار، وبعضهن بالروح تفدي!

كان كمشهد سنمائي، او مقطع من مسلسل يكاد الخيال فيه من شدة الاتقان يكون واقعا.
صرخت سوزي ما إن رأت راكب الدراجة يقتنص الفرصة ليسكب شيء ما على ميليسا التي كانت تثرثر مع سارة.
وكما تحمي القطط صغارها، بكل غريزة امومة وجدت في المرأة، ودون ان تفكر في نفسها للحظة، قفزت سوزي فوق ميليسا في نفس اللحظة التي رمى فيها الراكب الزجاجة.
ومن شدة الالم بسبب المادة الحارقة التي انسكبت فوقها صرخت سوزي من اعماق قلبها، صرخت تجعل الحجر يشعر، ولكن هل يشعر المستجرم!؟

تجمع الناس المارون حولهم، وخاء السائق راكضا، خرج اصحاب منزل سالي.
وكل شئ حدث تاليا كان بسرعة شديدة، الاتصال بالاسعاف والشرطة، الاتصال بجورج وكريستيان، ركض الجميع الى المستشفى.
كانت ميليسا في عالم آخر، لا تكاد تشعر بروحها في داخل جسدها، شعور غريب يخالجها، روحها تأبى السكون وكأنها عالقة في حلقها، روح معذبة تنتظر خبر ربما يكون مفجع.

لم تبكي ولم تصرخ، كانت كورقة جافة تتقاذفها الرياح وتنكسر من شدة جفافها رويدا رويدا.

ورغم احاطة سارة لها وتحتضنها الا انها تشعر بالبرد. وما ان وصل والدها جورج وكأن الحياة دبت فيها من جديد وامتلئت الدموع في عينيها التي كانت قبل قليل لا تستطيع ان ترمش حتى من الصدمة.
احتضنها بكامل قوته، يريد ان يدخلها في قلبه، ان تذوب وتعيش داخله حتى يحميها.

لا يفهم ماذا حدث ولكن يعلم انها كانت مستهدفة، قلبه ينبض بشدة خوفا على رفيقة دربه سوزي، فرغم زواجهما التقليدي بسبب المصالح الا انه احبها حبا كبيرا، بعد خمس سنوات من المشاكل الزوجية في بداية حياتهم.
انها محبوبته وتوأم روحه، اخذ يدعوا الرب في داخل قلبه ان يحميها، وهو يحتضن ابنته ويحمده على سلامتها.

اما كريستيان فجالس على الكرسي وهو واضع رأسه بين يديه، من اين تتقاذف عليهم المصائب!
وان كان الشخص الذي يفكر فيه هو من يفعل بهم هذا، فسيقتله بيديه العارتين، فبعض الناس لا يُعطَوْن فرصة ثانية.

خرج الطبيب من غرفة الجراحة وهو يقول: آل جراي؟
اسرعوا اليه جميعا، فبادر كريستيان بالحديث، اما جورج فقد عقد لسانه.
كريستيان: "نعم ايها الطبيب، هل امي بخير"
قال الطبيب وهو يحدق فيهم بابتسامة هادئة يحاول تهدئتهم بها: "اجل انها بخير، قمنا بعمل عملية بسيطة حتى لا يتسبب لها الحرق بنزيف"
نطق جورج اخيرا وقال: "حمدا لله"

ثم اضاف الطبيب: "هذا جزء الاخبار الجيدة، ولكن للأسف انا مضطر لإخباركم الاخبار السيئة ايضا.
نظر جميعهم نحو الطبيب بإهتمام وخوف.
ومضى هو في حديثه مسترسلا يقول: "المادة الحارقة تسببت لها في تشوه في منطقة الرقبة والظهر، الحرق من الدرجة الثالثة وقد يستغرق بعض الوقت للشفاء.

سارة: "هل ستبقى اثار الحروق ام تذهب بالعملية التجميلية؟"
الطبيب: "يكمن طبعا علاج التشوه الناجم عن الحروق بإجراء عملية تجميلية، ولكن ذلك بعد عدة اشهر وقد تمتد إلى السنة، حسب سرعة شفاء الحالة من جروحها فالعملية لا تجرى الا بعد شفاء جلد المريض تماما"
سكت الطبيب لحظة ثم اكمل قبل ان يقاطعه احد منهم: "وبالطبع نجاح عملية التجميل يعتمد على عدة معايير يقوم طبيب التجميل بتحديدها."

استأذن منهم الطبيب وذهب، كانوا جميعهم في حالة بؤس وصدمة فالام هي عمود البيت وركائزه، واركان السعادة فيه.

انهارت ميليسا بالبكاء وهي تقول: "انا السبب، لقد كانت تحميني"
اخذت سارة ميليسا بصحبة ممرضة الى غرفة في المستشفى، اعطت الممرضة لميليسا مهدئ فنامت بعد فترة قصيرة.

اتصل جورج فورا بجاك، واخبره ان يستعجل في موضوع رجال الامن، اذا كان حقا يريد المساعدة وقص له ما حدث..
ولم يدخر جاك اي وقت، بل اسرع الى المستشفى بصحبة حارسه الشخصي.
وعند وصوله قام جورج بالتعريف بين كريستيان وجاك.

بعد ان نامت ميليسا جاء جورج لغرفتها في المستشفى ليطمئن عليها، جلس بجانب سريرها لمدة ثم سأل سارة عم حدث، فقصت عليه سارة ما حدث بالضبط.
ادمع قلبه وسارة تخبره كيف قامت سوزي برمي نفسها امام ا و ولاالخطر من اجل ان تنقض ابنتها.
أ
وفي سيارة كريستيان جلس ومعه جاك، يتحدثان عن عدة امور تخص ميليسا.

الشر والخير طريقان متوازيان، لن يسبق احدهما الآخر، هذا الصراع الازلي خُلِق كما خُلِقنا، فلن يقضي الخير على الشر ولن يقضي الشر على الخير!الخير
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي