25

الفصل الخامس والعشرون؛

سارة: لم كريستيان مع السيد زوهان؟
ميليسا بتعجب: لا اعلم حقا فور ان رآنا طلب التحدث مع كريستيان على انفراد!
جلست سارة قبالة ميليسا وقالت: هذا غريب.
وافقتها ميليسا القول: اجل!
آدم: سارة انا جائع!
قرصته من خده وقالت: حسناً ايها الجائع.
ثم نظرت الى ميليسا وقالت: لدي عمل لا استطيع الجلوس كثيراً اتمنى ان تستمتعي بصحبة هذا المشاغب.
احتج آدم بينما هي تبتعد: هايييي.

************

ارتشف من كوب قهوته، ثم وضعه على الطاولة وهو ينظر للسيد زوهان، فقد كان قد عرّفه على نفسه منذ قليل على انه مالك هذا المطعم.
كان رجل صيني كبير السن، قصير القامة، نحيف الجسد، ولكن تبدو عليه القوة.
بدأ السيد زوهان حديثه مباشرة بثقة وهو ينظر في عيني كريستيان: لم تهتم لأمرها؟
رفع كريستيان حاجبه وهو يبادل السيد زوهان النظرات المباشرة.
كريستيان: ولم تهتم لما اهتم؟
السيد زوهان بثقة: لا يجب ان تهتم.
بدأ الحديث يغضب كريستيان فلم يعتد ان يتدخل اي احد في شئونه.
كريستيان: اشكرك كثيرا سيد زوهان على كوب القهوة. وهمّ بالوقوف مكملا كلامه قائلا: ولكن اهتماماتي ليست من شأن اي احد!
ونهض متجهاً داخل المطعم بعد ان كان في الساحة الخلفية.
السيد زوهان: انتظر!
وقف كريستيان وهو مدبرٌ ظهره.
السيد زوهان: لقد قمت بالبحث عن معلومات عنك.
التفت كريستيان والحيرة في عينيه.
قال السيد زوهان بهدوء: اجلس.
جلس كريستيان مرة اخرى.
فأكمل السيد زوهان حديثه قائلاَ: بحث عنك بمعلومات دقيقة، فأنت رجل اعمال معروف وناجح ومن عائلة مشهورة، وكان لديك العديد من العلاقات ولك علاقة زواج سابقة.
سكت قليلا ثم اكمل: لما تهتم بسارة؟
تنهد كريستيان وقال: لا اعلم، اجدها مختلفة ربما، او ربما تلك الهالة التي تحيط بها، هالة من البعد.
السيد زوهان: او ربما لانها لم تهتم بك وبنفوذك كما اهتمت بك العديدات!
كريستيان: صدقني الامر لا يدور حول ذلك.
ثم بدأ يقص حلمه للسيد زوهان، الحلم الذي أرّقه كل ليلة، والقنديل المنير الذي تمسكه سارة في يدها.

بعد ان اكمل سرد حلمه، ابتسم السيد زوهان وقال: ربما الموضوع ليس كما تصورت كريستيان.
كريستيان: وماذا تصوّرت؟
السيد زوهان: لا يهم ما تصوّرت وما اعتقدت.
ان سارة لا تناسبك، فهي فتاة بريئة ومسلمة وايمانها القوي يجعلها من القليلات اللواتي لا أمل لأمثالك معها.
احس كريستيان بالاهانة ولكنه كبح غضبه وقال يتشدق: امثالي؟
السيد زوهان: لا تنظر للأمر من منظور شخصي ارجوك، انها فتاة بريئة تعيش على فطرتها اتت من محيط محافظ، ينظرون للعلاقات على محمل الجد اغلبهم. اما من هم على طريقة حياتك فأغلبهم يرون العلاقات للتسلية فقط.
احمر وجه كريستيان بالغضب لم يصر هذا الرجل على التدخل في شئونه.
وتابع السيد زوهان القول: هي فتاة مسلمة نظرتها تختلف للامور عن نظرتك انت المسيحي.
كريستيان: لم لا تدعها هي تقرر! ولم تهتم اساساً.

لمعت عيني السيد زوهان ووقف معلناً عن انتهاء الحديث قائلا: اهتم لانها كإبنتي.

*********

ميليسا

كانت طوال طريق العودة تشعر بإضطراب اخيها كريستيان، ها هو يدخل في قوقعته تلك!

قوقعة من البعد، يجلس بقربك ولكنه بعيد عنك.
تسترق النظر اليه وكان يبدو غائباً داخل افكاره.
احتارت هل تفتح معه الموضوع ام لا، هي تعلم انه لن يتقبل تدخلها.
وهي لم تعتد مناقشته في مثل هذه الامور!
وصلوا إلى المنزل بعد مدة من القيادة عبر الطرقات صامتين الا من عبارات بسيطة.

قالت ميليسا بهدوء: الن تدخل الى المنزل؟
كريستيان وهو يطلب رقم عبر الهاتف قال: لا لدي عمل كثير في الشركة.
ثم قال وهو يحادث الطرف الآخر عبر الهاتف: اخبري بيل ان يدخل الاجتماع نيابة عني بينما اصل الى الشركة.
لم تنزل من السيارة بقت مكانها تتأمله. انهى المكالمة والتفت اليها قائلا: ماذا؟
كان هناك الكثير من الكلام تريد اخباره به ولكن كل ماخرج من فمها: متى سأبدأ بالعمل؟
ابتسم وقال: يمكنكِ البدء من اليوم ان شئتي!
ميليسا: حسنا اعتقد انني سأبدء من يوم الغد.
كريستيان بتشدق: حسنا كما تشائين، والآن اختي العزيزة عليا ان اسرع الى اعمالي.

ابتسمت له ونزلت.
ظلت طوال النهار تفكر في تصرفات كريستيان، لا تريد التسرع ولكن بعد تفكير طويل قررت انها ستواجهه عندما يعود.

تناولوا العشاء سوياً مع والديها، وبعد العشاء ذهبت الى المطبخ وطلبت من الخادمة ان تجهز لها كوبين من الشراب وتضعهم في شرفة المنزل.
بعد ان اعدت الخادمة ما طلبته منها، نادت على كريستيان واخبرته انها تريده في امرٍ ما.

جلسا يتسمران، وفتحا عدة مواضيع.
لم تستطع التطرق إلى ما تريد.
كريستيان بنظرات ثاقبة يحاول سبر اغوارها فهو يعلم انها تحوم حول موضوعٍ ما قال: اذا كنتِ لن تتحدثي حول ما تريدين فأخشى انني سأذهب الى النوم! لقد كان يوماً مرهقاَ حقا بالنسبة لي.
نظرت له بتفاجئ اذاً هو يعلم ان لديها امرٌ ما.
قالت مباشرة وهي تبادله نظراته الثاقبة علّها تجد منه رد فعل ما يقودها لمعرفة الحقيقة.
ميليسا: لم ذهبت لزيارة سارة؟ لم هاتفها لديك؟ ولما تنظر لها بتلك الطريقة؟
كريستيان بهدوء مخيف وعيناه تعكسان غضبه: هل كنتِ تفتشين في اشيائي؟
ميليسا: لقد وجدته صباح امس على السرير في غرفتك عندما ذهبت اليك لأحادثك بخصوص العمل.
كريستيان بهدوء مخادع: صغيرتي لا تتدخلي فيما لا يعنيكِ، وخصوصا ان كان هذا الامر يخصني شخصياً.
ميليسا بغضب: ليس وان كان يخص صديقتي، ليس وان كان يخص سارة بالتحديد.
ضرب الطاولة بكف يده وقال بصوت مرتفع: اموري لا تعنيك ابداً ميليسا.
ميليسا: ان كان في رأسك ذاك شيء يخص سارة عليك اقتلاعه.
رفع حاجبه ويكاد ينفجر من الغضب: لماذا؟
ميليسا: اذا انت تعترف انك تهتم لها!
كريستيان: لم اقل هذا وان كنت افعل فهو ليس من شأنك.
ميليسا: رأيت نظراتك اليها كريستيان، الجميع لاحظ حتى السيد زوهان لاحظ ذلك.
لعن بصمت، لم يحاول الجميع التدخل في حياته، حتى ميليسا التي لم تتدخل قبلاً ابداً.
ميليسا: ماذا كان يريد منك السيد زوهان.
وقف لينهي هذا النقاش وقال: نفس الذي تريدينه انتِ!
استدار مغادراً للشرفة لحقت به بسرعة وامسكته من ذراعه وقالت: فقط لا تجرحها فطريقك معها مسدود.
لم يلتفت، انكمشت يداه في قبضتين ثم ذهب.
دخلت سوزي مسرعة وجدت كريستيان غاضب جداً وميليسا تبدو حزينة فقالت توجه حديثها لإبنتها: ما الامر اصواتكما مرتفعة ماذا يحدث؟
كان كريستيان قد خرج من المنزل بالسيارة وسمعوا صوت فرامل السيارة.
سوزي: ميليسا، ما به كريستيان!؟
خرجت ميليسا متوجهة إلى غرفتها بعد ان قالت: لا شيء.

واما كريستيان هذه المرة لم يذهب إلى نادي الملاكمة ليفرغ شحنات الغضب، فقد قاد سيارته حتى وجد نفسه بقرب البحر.
نزل من السيارة واتجه ناحية الشاطيء، اتكأ يناظر السماء والنجوم وكأنه يراهم لأول مرة ثم قال: أرشدني، دلّني، أرني طريقي!
كانت اول مرة في حياته يدعوا، اول مرة يسأل.
كلمات بسيطة مختصرة ولكنه قصدها بكل جوارحه!

*********

ميكائيل؛

المشي لساعتين او اكثر بين الشوارع والاسواق الشعبية اصبح عادة يومية لميكائيل يمرر بها وقته ويحرك بها عضلاته.

يتوقف احياناً ليجد اشياء تعجبه يمسكها ويتمعنها ويقوم بشرائها لسارة او آدم، واحياناً اشياء اخرى لملاك.
هو يعلم انه يوجد احتمال كبير انه لن يلتقيهم ابداً في حياته مجدداً، يعتصر قلبه حين يقف امام هذه الحقيقة المجردة.
هؤلاء الثلاثة اشخاص الأحب إلى قلبه، هل مكتوب عليه ان لا يلتقي بهم وان يتركوا فراغ في قلبه اجوف لن يملئه أحد!
كلما حاول التفكير بمنطقية أتته الحقيقة البشعة نصب عينيه وكأنها تهزأ به وتخبره يا هذا هل يعقل ان يعيش طفل وفتاة في امريكا بدون مال ومأوى؟
لابد من انهما اما قُتلا او انحرفا!

هذا التفكير يشعره باليأس والهزيمة وهو اصعب شعور لعقيد اعتاد على التخطيط والنجاح، خصوصاً انه للآن لم يحصل على التأشيرة التركية فكيف بالتأشيرة الامريكية.

احس بخطوات تتبعه، تلفت يمنى ويسرى ولكن لا أحد، تابع طريقه فهو منذ عدة ايام يشعر بتلك الخطوات خلفه حتى اصبح يعتقد انه يتهيأ ذلك.
تابع المشي عائداً الى شقته كانت تبعد مسافة النصف ساعة سيراً على الاقدام ولكنه قرر السير لن يأخذ سيارة اجرة.

رنّ هاتفه ووجد انه فؤاد فتح الخط قائلاً بإبتسامة عريضة: مرحبا فؤاد.
فؤاد بصوت مفزوع: ميكائيل اين انت؟
ميكائيل اختفت ابتسامته واستشعر الخطر: انا في طريقي الى المنزل، ماذا هناك؟
فؤاد بصراخ: ميكائيل عليك ترك الشقة فوراً انهم يتبعونك، انت في قائمة المطلوبين للاغتيال لديهم، لقد وجدوا مكانك، ميكائيل اسرع!
ميكائيل: كان هناك شخص يتبعني منذ عدة أيا.........

وتتالت صوت الرصاصات وحدة تلوى الاخرى يسمع صداها في اذنه، يشعر بإختراق الرصاصة لجلده ثم لحمه ثم تستقر في مكانها تحرق.

سقط الهاتف وهو يراه يهوي ببطءٍ شديد، وكان فؤاد يصرخ وقد سمع صوت الرصاص: لاااااا، ميكائيل!

انتشرت الهدايا التي اشتراها لآدم وسارة وملاك ارضاً

الرصاصات غادرة أتته من خلف ظهره، امسك جانبه حيث اخترقت الرصاصة جانبه الايسر من الخلف لتخرج من الامام.
الدم يسيل من بين اصابعه الموضوعة على جانبه المصاب، ثم انفجر الدم من انفه وفمه.

واتته الاخيرة في ركبته، وخَرّ ارضاً.

سمع صوت خطوات هروب القاتل، نبضه بدأ يتلاشى مغمض عينيه وفجأه سمع صوت يناديه ويقول: ميكائيل، انا هشام لا تقلق طلبت الاسعاف.
ولكن الاوان كان قد فات، فقد غامت انفاسه وغاب وعيه عما حوله وآخر ما تلفظ به بين يدي الفتى هشام وهو سابح في دمائه: سارة آدم سامحوني!

**********

بعد مرور عدة اشهر،

احس نفسه يعرفها منذ الازل، خلال هذه الاشهر ازدادت معرفته بها
يفهمها من نظرت عينيها من نبرة صوتها، يفهم ويحس ان كانت سعيدة ام حزينة، مرتاحة ام شيء ما يشغل بالها.
تحدثا في اغلب المواضيع من مناقشات وحوارات، من ضمنها المواضيع الدينية، والتي للمقارقة لم يحدث ان تناقش حولها قبلاً، حيث انه لا يهتم للدين ويعتبره شي روحاني فقط!

وضعت كوبين من العصير وجلست امامه.
اصابعها ترتجف رجفات بسيطة، ومعدتها ترفرف، لا تستطيع ان تطيل النظر في عينيه وخصوصا وهو ينظر اليها هكذا.
يأسرها حضوره وحديثه ورائحة عطره، وابتسامته النادرة.
ابتسمت ابتسامة هادئة تحاول اخفاء توترها بها وقالت: لِم لَم تأتي ميليسا معك.
امسك كوب العصير وقال مبتسما: اصبحت موظف فعال في الشركة ولديها واجبات فلم اسمح لها بأخذ اجازة اليوم.
سارة: ولم انت مسموح لك!؟
وضع يديه امامه وقال متسلياً: لأنني المدير! واستطيع الخروج متى أشاء فلا احد يحاسبني.
تذكرت كلماتها هذه له فأحست بالخجل.
كريستيان: هل آدم في المدرسة؟
سارة: نعم.
استنشق انفاسه وارتدى ثوب الجدية وقال: انا اعلم انني طلبت منكِ ان نبقى صديقين، واعتقد اننا كنا جيدين كأصدقاء خلال هذه الاشهر.
ازدادت ضربات قلبها ولم تفهم لم يلمح!
عصفت عيونه بمكنونات قلبة ثم قال: لا اريد ان نبقى صديقين سارة.
نظرت له بصدمة ولم تتحدث.
رقّت نظراته عندما لاحظ توترها وقال: لا اريد ان نبقى مجرّد صديقين.
بهت لونها واصبحت كالاموات، تدعوا ان لا ينطق ما تتمناه روحها ولكن لن يكون لها ابداً، تريد ان يضلوا كما هم.
كريستيان بإبتسامة خلابة: اكن لكِ مشاعر لم اعرفها مسبقاً ابداً.
امتلئت عيونها بالدموع.
كريستيان: سارة، انا اح........
سارة: اشششش
وضعت يدها امامها بإشارة للسكوت والدموع وجدت طريقها على خدها كأنهار ولكنها تحرق وقلبها يضج بقوة.
كريستيان: سارة؟
لم تجب وانما ظلت تبكي ولا تعرف لما تبكي، ترى امامها من تتمناه ولكن لا تستطيع الحصول عليه.
كريستيان: انا اعلم انكِ مسلمة ولا يحق لكِ الارتباط الا من مسلم!
سارة: اذا لماذا؟
كريستيان: انا أؤمن بوجود الرب، وانتِ ايضا تؤمنين به، اذا ما المانع، انا لا أرى مانع يجعلنا لا نكون سوياً!
هرب التفكير السليم من رأسها ولم تعرف بم تجيب ولكنها قالت: انت لا تفهم!
كريستيان: انا اتعهد ان لا احاول منعك من ممارسة اي طقوس دينية تتبعينها.
نظرت له مطولاً كما لم تنظر له قبلاً وكأنها تحفظ صورته وملامحه في ذاكرتها. نظرت الى كل شبر في ملامح وجهه.
ثم قالت: لا.
ونهضت مسرعة دخلت إلى المطعم بعد ان كانت معه في الساحة الخلفية.

***********

الرجاء من السادة الرّكاب ربط احزمة الآمان استعداداً للهبوط في مطار اسطنبول.

بعد عدة دقائق كان قد وصل إلى المطار، يعرج على قدم واحدة، بعد ان خطى عدة خطوات خارج المطار وقف على الرصيف ونزع نظارته.
لوح لسيارة اجرى واتجه إلى الفندق مباشرةً.

يشعر بالسعادة فها قد وصل إلى اسطنبول اخيراً بعد عدة محاولات فاشلة.

عليه البدء في المحاولة للحصول على التأشيرة الامريكية من يوم الغد، لا يطيق صبراً للذهاب.

نظر الى قدمه وفكر مبتسماً هذا اقل ما يمكن لعقيد مطلوب ان يحصل عليه.
امسك هاتفه وتذكر ان عليه ان يشتري بطاقة اتصالات.
وصل إلى الفندق الذي قام بالحجز فيه مسبقاً.
وما ان اتم الاجراءات ودخل الى غرفته حتى سفط نائما نوماً عميق.

وفي اعمق احلامه كانت تقف في مفترق طرق حائرة لا تعلم اي طريق تختار.
يحاول محادثتها ولكنها لا تراه.
يريد ان يدلها على الطريق الصحيح ولكنها لا تسمعه.
بدأت تمشي في احد الاتجاهات ومن ثم فجأه رأته وما ان هبت تتحدث وتقول: خالي ميكائيل دلني......
حتى استيقظ من حلمه.
ما هذا الحلم الغريب، هل هي بخير؟ هل آدم بخير؟
عليه ايجاد حل وبسرعة.

************

لا يفهم اخذ هذه الخطوة بعد أن تأكد من مشاعرهما هما الاثنان!
هي تبادله مشاعره هو متأكد، لكن لم رفضته!
قالت لا مجرد كلمة واحدة من حرفين اثرت فيه كما لم تؤثر غيرها من الكلمات.
ربما لانه لم يسبق له ان سمعها، ان سمع رفضاً.
سخر من نفسه وقال في سره "ها قد جربت شعور الرفض!".
اخذ يضرب مقود السيارة امامه كعادته، ورن هاتفه في اللحظة نفسها.

كانت سكرتيرته تخبره ان الاجتماع سيبدأ بعد عشرون دقيقه، وستدخل ميليسا مع بول لهذا الاجتماع.
قرر انه لن يستسلم، ليس بعد.
واول خطوة سيقوم بها هي ايجاد طريقة لإقناعها، فالحب من وجهة نظره ينتصر امام الاختلافات العرقية والدينية والاجتماعية.
بدأ في البحث عن كنيسة اولاً، حتى وجدها ودخل الى القس وحكى له قصته.
ولكنه لم يجد اجابة شافية، فقرر الذهاب إلى اقرب مسجد.

************

ان تتغير عليك البيئة التي تعيش فيها يعني ان تتغير الكثير من معتقداتك، الكثير من عاداتك وتقاليدك.

في مرحلة ما من الغربة تندمج مع محيطك، تتآلف معه. لم تعد تلك الاشياء التي كنت تراها غريبة، غريبة كما السابق، حتى اختياراتك تتغير، هويتك ايضاً تتأثر، رغم طابع هويتك الاصلي الذي سيظل ملازماً لك حتى آخر نفس

ومهما تغير من دواخلك ومن افكارك يبقى شيء واحد ان غيرته فقد فقدت هويتك وقلبك والروح القابعة بين جنباتك ستتوه.
هو الايمان واليقين بالله!

فأن تعبد الله في بيئة مألوفة لك بعبادة الله منذ ولادتك هذا يعتبر امر فطري.
وان تعبده في بيئة جديدة، بيئة اغلب مواطنيها لا يلتفتون للدين ويعتبرونه شيء ثانوي، وعليك الاندماج مع هذه البيئة فهذا هو جهاد النفس!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي