22

الجزء الثاني والعشرون ؛

ان بدأ العد التنازلي، فإحبس انفاسك، وجهّز مُعدَّاتك، ولا تكشف اوراقك، حتى لا يرى اعدائك ضعفك وعثراتك!

كان الجميع منغمس اما في حديث جانبي او في شرب مشروبهم او في مدح منزل سالي ونوا.

اقتربت ميليسا من اخيها كريستيان بعبوس وقالت: الا تستطيع حتى اصطناع ابتسامة، انك عابس لدرجة من يراك يظنك اتيت رغماً عنك.
رفع حاجب ثم قال: لقد اتيت رغماً عني فعلا، لولا مساعدة نوا لي عندما كنت ابحث عن سارة لما اتيت.
توجهت بالحديث لجيڨان: لا اعلم كيف تحتمل صديقك هذا!
ثم ضحكت هي وجيڨان.
دخلت عربة المشروبات عربة فضية فاخرة جميلة متوسطة الحجم بها ثلاث طوابق يدفعها شاب ومعه فتاة تقدم للضيوف مشروباتهم.
يرتدون زي شركة التنسيق وهو عبارة عن بنطلون بيج وقميص سماوي وحذاء ابيض.

كان عدد الضيوف في حدود الخمسين ضيف وضيفة.
منهم رجال اعمال، ومنهم اصدقاء نوا المقربين ومديره في العمل وبعض الموظفين والموظفات الى جانب اهل سالي.

سيتم تقديم المشروبات ثم العشاء، وهو عبارة عن بوفي مفتوح به ما لذ وطاب من الطعام والمقبلات.

وبعدها يقوم المدعوين بتقديم الهدايا لنوا في نهاية الحفل.

هذه كانت خطة سالي للحفلة ، الحفلة المملوءة بزينة اعياد الميلاد.

جاءت سالي لميليسا تقول في اذنها لدي شعور ان الحفل سيفشل، فقلبي منقبض ولا اعلم لما.
ميليسا ابتسمت بطمأنينة: لا تقلقي انظري حولك كل شيء ممتاز، دعينا نبحث عن مكان شاغر ونجلس فأنتي حامل ولا يفترض بكِ الوقوف كثيراً.
سالي: انتظري وصل مقدموا المشروبات دعينا نأخذ مشروبنا اولا!

كان كريستيان جالس منغمس في هاتفه، وجيڨان جالس بجانبه منغمس في الحديث مع رجل آخر.

وميليسا وسالي تقفان بمسافة قريبة منهم، اما نوا فقد صعد للأعلى ليطمئن على ابنته.

كانت سارة هي مقدمة المشروب. يدفع جون زميلها العربة وهي تقدم المشروب بإبتسامة للضيوف.
كانت منغمسة جدا ومرتبكة، انها أول مرة في حياتها تدخل لحفل من هذا النوع، النساء فيه وكأنهن خرجن من مجلة نوميرو العالمية او من فلم في هوليوود.
منغمسة لدرجة انها لم تلاحظ تلك الشقراء الجميلة صاحبة الثوب الاسود! ولا اخاها ذي العيون السوداء الثاقبة.

وصلت بجانبهم ورفعت كأس ومدته الى سالي وكانت ميليسا تقف قبالة سالي ومدبرة ظهرها لسارة.
قالت سارة بإبتسامة: تفضلي.
ما إن سمعت ميليسا الصوت حتى التفتت واتسعت عيناها من الصدمة.

جيڨان نكز كريستيان ليجذب انتباهه واشار له ناحية سارة.
حبس كريستيان انفاسه ترقبا.
عصف قلب ميليسا بقوة وقالت بهمس: سارة!

رفعت سارة بصرها وفي يدها الكأس الذي كانت ستقدمه لميليسا.

توقف الزمن لدقائق معدودة بالنسبة لسارة وميليسا، كانت ارواحهم هي التي تتخاطب عيونهم هي التي تتحدث، قيل الكثير والكثير، قيل الشوق واللوم والعتاب، قيلت خيبة الامل والخذلان، وكل ما قيل لم يفطن له أحد بل ارواحهم فقط من كانت تتحدث، وهل للبشر ان يسمعوا حوار الارواح، ان يفقهوا لغة الروح للروح!

كان كريستيان كمن سُكِب الماء البارد في عروقه بدل الدماء الحارة، فقد جلس يناظرهما ببلاهة!

جالت عيون كل واحدة منهما على الاخرى، نظرات ميليسا كانت حباً وشوقاً لصديقةٍ احتلت مكاناً عزيزاً في قلبها، من قال ان الصداقة مجرد علاقة مصالح!

نظرات مملوءة بمزيج من الشوق والعتاب واللوم، ولكنها لم تحمل الحقد ابدا، هذا ما كانت عليه نظرات سارة اتجاه ميليسا.

فاللحظة الاولى للاحاسيس هي لحظة الحقيقة، هي اللحظة التي تخرج فيها احساسينا صافية نقية حقيقية سواء كانت مشاعر حب ام كره، قبل ان نتدارك انفسنا ونخفيها ونظهر بعدها المشاعر التي نرغب نحن في ابدائها.

وها هنا تداركت سارة نفسها اولا، فبعد ان جالت ببصرها على ميليسا وقعت عيناها على سلسال والدتها الذي ظنت انها فقدته.

كانت صالة الضيوف تموج بالحركة والحديث بشكل طبيعي وسلس، ماعدا في تلك البقعة كان الزمن قد توقف.

تحدثت سارة اخيرا وقالت وهي تقدم المشروب الى ميليسا: تفضلي سيدتي.
وزادت اصرارها على كلمة "سيدتي".
افاقت ميليسا من صدمتها على اثر تشدق سارة بكلمة "سيدتي".
امسكت الكأس بحركة اتوماتيكية وقالت: سارة!

مدت سارة يدها امامها تشير لها لتصمت.
ولكن ميليسا لم تسكت بل قالت تنظر بين سارة وكريستيان: انظر كريستيان انها سارة!

لم تكن سارة تفكر بعقلانية في هذه اللحظات فقد غُيّب عقلها وكأنها هي كانت من يشرب النبيذ والخمر.
مر من امامها شريط ذلك اليوم، وشريط وثوقها في ميليسا وتخلي ميليسا عنها!
بحركة لا ارادية مدت يدها للسلسال في رقبة ميليسا تتفحصه كان سلسال والدتها الحبيبة، شدته بقوة وقُطع من رقبة حاملته.
سارة بعدائية: هذا يخصني.
تقدم كريستيان نحوهما.
سالي: ولكن ما الذي يحدث سأنادي على المسؤول هنا ليطردك.
وكانت تهم بالذهاب، ولكن ميليسا امسكتها من يدها وقالت ببؤس وحزن: ارجوك سالي توقفي!

اجتازت سارة جميع المدعوين متجهة إلى المطبخ وعيونها مملوءة بالدموع وسلسال والدتها يتدلى من بين اصابعها.

وصلت الى المطبخ وانهارت بالبكاء، تجمع حولها الموظفين والمسؤول عنهم يردد: ماذا حدث؟ هل قمتِ بخطأ ما؟ هل كسرتي شيء ما؟
لا إجابة، وانما شهقات وعبرات بألم وحزن.
كريستيان: هل لي بالحديث معكِ قليلا؟
كان قد أوصى سالي وجيڨان بالاهتمام بميليسا، وذهب هو في إثر سارة.
خرجت معه الى حديقة المنزل وجلسا على طاولة في زاوية الحديقة.

رفعت بصرها بعيون حمراء مملوءة بالدموع، لم تعتقد ابدا ان رؤيتها لصديقتها يؤلم بهذا الشكل.
قالت بالم حارق تحسه داخل قلبها: لم تكن ميليسا مجرد صديقة بالنسبة لي ابداً، لقد كانت اختي كانت كل اقاربي، كنت وحيدة وضعيفة هي من ساعدتني، هي من شدت عَضُدِي ومن حملت معي وِزْرِي.
ثم ابتلعت شهقة ودموع غزيرة وسيلان انف وقالت: ولكنها بعد ان رفعتني معها الى قمة جبل الصداقة رمتني من اعلاه بكل قسوة، فإرتَطَمْت بالارض اليابسة تحتي، وتهشمت ضلوعي، عانيت شهورا لأرممها ولكنها لن تعود كما كانت ابدا، لقد كان الالم قاتلا حبسته تحت ثنايا روحي ولم ابح به سوى لربي.
هل تعلم ما معنى ان تكبت حزنك داخلك؟ انه الموت البطيء لمشاعرنا.

لم يشأ مقاطعتها تركها تفرغ مافي جعبتها، تفرغ ما امتلأت به روحها من الم وعذاب.
لم يكن كريستيان مرهف المشاعر ابدا، بل كان يجيد اخفائها بشكل لا يصدق.
ولكنه الآن ينظر لسارة وعيونه مملوءة بالمشاعر، هذه المخلوقة الصغيرة الضعيفة والوحيدة، ما الاله الذي تعبد ليحتويها ويحميها هكذا، ليحبها ربها بهذا الشكل وينتقم لها بدون اي فعل او جهد منها.

كانت عيناه تفيض بالمشاعر، نظرات قد تدفع بعض النساء عمرها لتحصل على مثلها، مشاعر صادقة صافية نقية، من الصعب ان تجدها في رجل.
حتى هو نفسه لم يدرك ان لديه كمية هذه المشاعر التي يمكن ان يقدمها لأي شخص كان!
لم ينظر في حياته كلها الى اي شخص بهذه الطريقة ابدا.
أسَرته عيناها، عينان كحيلة وبياضهما كبياض الثلج، صافيتان برموش كثيفة.
فيهما كمية سحر غريب وبراءة اغرب.
عَفوياً امسك يدها بين يديه يُمسدها بحنان، تدفعه مشاعره واحساسه بها، ولكنه فَتح جبهةً من نار.

فقد انتفضت واقفة بعد ان سحبت يدها من بين يديه بقوة وقالت بصوت مبحوح من البكاء والغضب يظهر في عينيها: ما الذي تفعله؟ الا تعلم اني فتاة مسلمة؟ اذا كنت لا تعلم فها انا اخبرك انا فتاة مسلمة، عليكَ احترام ذلك، لا المس احدا ولا احد يلمسني.
كريستيان: انا اسف، اسف حقا.
علم الآن لم لديها ظهر يحميها، وينتقم لها، ويهيء لها الاسباب، ويضع في طريقها من يساعدها، هي تحترم عقيدتها كثيرا.
زاد احترامه واعجابه بها.
عم الصمت المكان، كالهدوء الذي يخلفه الاعصار.

اجلى كريستيان حنجرته وقال: بعيدا عن علاقتك بميليسا.
نظرت له بغير فهم.
فاكمل يقول: هل لنا ان نصبح صديقين؟
رمشت عدة مرات وقالت مبتسمة: بالطبع.

هو لا يعلم لما ولكن يشعر ان سارة ستقوده لدرب ما يبحث عنه طويلا.
خصوصا تلك الكوابيس التي تأتيه فيها دائماً.
سارة: اعتقد انني خسرت عملي لهذا اليوم هنا، ربما عليا الذهاب الآن.
كريستيان: سأوصلك، فقط لحظة لأطمئن على ميليسا واعود اليكِ.
كانت ترى اهتمام كريستيان بأخته وتتمنى لو كان خالها ميكائيل معها، لكانت اختلفت الامور كثيرا.
لقد بكته لعدة ليالي فهي تعتقد انه قد تمت تصفيته.

سارة: حسنا سأبدل ملابسي واعود الى هنا انتظرك.
لم تعترض لكي يوصلها فهي تشعر انها مستنزفة القوى وليس لها طاقة لتوقف سيارة اجرة، ربما ان تركب في سيارة خاصة مريح لها الآن بعد كل شيء.
ظلت جالسة في انتظار عودة كريستيان.

اتجه مباشرة إلى سالي الواقفة مع احدى ضيوفها وسألها عن ميليسا.
سالي بحزن: انها في غرفتي يمكنك الصعود اليها سيدلك نوا على الغرفة.
استدار ليذهب بصحبة نوا فقالت سالي: هل هذه هي سارة؟
لم يلتفت، اومأ برأسه بإيجاب وذهب.

وجد صديقه جيڨان واقف خارج الغرفة، وما ان رأى كريستيان قال: حقيقة لم اعلم كيف اتصرف، فوقفت هنا ربما تحتاج لشيء.
كريستيان: شكرا لك جيڨان، اذهب واستمتع بالحفل سأتولى انا الامر.

طرق عدة طرقات على الباب ولكن لم تجب، ففتح الباب ودخل، وجدها متكئة نصف جالسة على السرير.
وما ان رأته قالت بحزن: انها تبدو مختلفة، لقد اشتقت اليها كثيرا، كانت اختي التي لم تلدها امي.

توقع ان يجد ميليسا منهارة، ولكنه وجدها متماسكة.
قالت: اتعلم؟ عندما نزعت السلسال بقوة، لاحظت انها لاتزال تهتم، فقط سأمنحها الوقت الذي تحتاجه.

لا يريد كريستيان ان تكون ميليسا كثيرة التفائل، فربما يصدمها الواقع لاحقا.
كريستيان: سأذهب لأوصلها واعود.
ميليسا: حسنا، ولكن لا داعي لان تعود من اجلي فأنا بخير.
استغرب هدوئها وردة فعلها.
كريستيان: اذا كنتِ تريدين ان ابقى معك سأجعل جيڨان يوصلها.
ابتسمت بلطف وقالت: لا كريستيان، انا حقا بخير لا تقلق من اجلي، سأبيت هنا في منزل سالي لذا ارجوك اتصل بأمي واخبرها حتى لا تقلق.
كريستيان: ان احتجتِ لاي شيء اتصلي بي.
ابتسمت له، وخرج هو واقفل الباب خلفه.

نظرت شاردة للبعيد، هي تعلم ان علاقتها بسارة ستعود كما كانت وافضل، فقد رأت ذلك في عينيها!

كان كريستيان سيذهب لرئيس الموظفين ليخبره ان يصرف لسارة مرتبها، فلا ذنب لها بما حصل وسيتكفل هو بتسديد ثمن الارباك الذي حدث لسير عملهم بسببها، فرجل اعمال مثل كريستيان لن يرفض له طلب بالطبع!
هو يعلم حاجتها الماسة للمال، وهل هذا امر خافٍ على احد في الاساس؟
ولكنه تراجع، تذكر في الصباح عندما اعطاه جيڨان مبلغ بسيط من المال وقال: ان سارة اوصتني ان اسلمك اياه، فهي تكلفة رسوم آدم في نادي الكشافة الصيفي.
هو حتى لم يفكر بالامر، ولم يعتقد ان سارة ستقيم للامر وزن، ولكنها فعلت.
اعتبرته دينا عليها تم قامت بتسديده حسب ما اخبره به جيڨان.
يبدو انها تملك عزة نفس لم يرها سابقا!

**********
ميكائيل

استشعر معنى الحرية، فلا شيء يضاهي الحرية في هذه الحياة.

ان لم تكن حرا فروحك ميته، الحرية شعور يستطعمه في فمه من فقدها يوما.
لا معنى لوجودك وحياتك وكيانك ان لم تكن حراً.

حتى وان كانت حرية مشروطة بسبب وضعه فهو سعيد بها.
حرية دفع ثمنها الامتناع عن دخول ارض الوطن مجددا!
عاد من صلاة الجمعة التى اشتاق لشعائرها، عاد محملاً بالاغراض التي سيحتاجها ليعد البازين.
اكلة تقليدية كانت تعدها اخته كل جمعة، ليجتموا سوياً على سفرة الاكل.
هو لا يعلم كيف يحضّرها ولكن سيدخل على اليوتيوب عله يُجِيدُ اعدادها من خلاله.
كان يريد اعداد البازين شوقا لحياة أَفِلت ولن تعود، احياءً لذكريات طوى الزمن صفحتها.
يريد ان يستطعم طعم تلك الايام من جديد!

احيانا نُصِرُّ على عمل تفاصيل، منها التفاصيل الكبيرة ومنها التفاصيل الصغيرة التي لم نكن ندرك بوجوها حين كنا نعيشها، ولكن شوقنا وحنيننا لتلك الحياة يجعل عقلنا يستذكر ويستحضر ادق التفاصيل!

والعجيب اننا مهما صنعنا وفعلنا فلن نعيش مشاعر تلك الايام، لن نقترب حتى مجرد الاقتراب من الاحساس بها!

نحاول ولكن بيأس!

بعد أن اعد وجبة سيئة لا تُأكل من البازين، قام بطلب وجبة من المطعم بخدمة توصيل ليسد جوعه.

  امسك هاتفه وشغل التلفاز وبعث رسالة لملاك.
تظهر له ان رسائله تمت قرائتها ولكنها لا ترد!

لا يعلم لما تتجاهله ولكنه لا يريد ان يكون مزعجا او متطفلا عليها، فيكتفي بكتابة صباح الخير او تصبحين على خير.
ولكن يغيضه انها تقرأ ولا ترد!
اقفل التلفاز ووضع هاتفه على نظام الصامت وقرر ان يأخذ قيلولة.

*********
ميليسا

ميليسا: هل تعتقدين يا سالي ان ما بدر مني بخصوص سوار جدتي يستحق كل ردة الفعل هذه من سارة؟
فأنا اولا واخيرا كنت ايضا ضحية خداع فيرونيكا، وكانت ردة فعلي اولية.

سالي: احيانا يا ميليسا لا نقوم بأي ردة فعل لشخص قام بأذيتنا بل نمضي قدماً وقد ننسى إسائته لنا. وبالمقابل نقوم احيانا اخرى بصنع ردة فعل اكثر من الطبيعي مع اشخاص معينين بسبب اهميتهم في حياتنا، ومكانتهم الكبيرة لدينا، وان الذي فعلوه لنا لم يخطر في بالنا ابدا انهم يمكن ان يفعلوه، واننا فعلا جرحنا وخذلنا من قِبلهم.
هؤلاء يكونون من نحب يا ميليسا.   

ميليسا: هل تعلمين ان سارة مسلمة؟
سالي: حقا؟ لم تخبريني بذلك.
ميليسا: لم يخطر في بالي حقيقة، زوجكِ ايضا مسلم اليس كذلك؟
سالي: نعم، واسمه نوح ولكن نختصره لنوا، هو حقيقة لا يهتم لأمور الدين ولا انا، فأنا مسيحية ولم اذهب للكنيسة قط إلا عند زواج صديقاتي.

ميليسا ضحكت وقالت: اتعلمين لقد افسدت عليكِ حفلكِ اليوم، وقمت بالمبيت عندكِ ايضا، اذهبي ونامي.
سالي ضحكت بدورها ايضا وقالت: على العكس سيبقى هذا الحفل في ذاكرتنا وسيكون مميز جدا.

***********

جالس يقلب الهاتف في يده، بحيرة.
هل يصارح سارة بم فعله ام لا!

فبعد ان اخذ الهاتف من ذلك الوغد الذي يدعى مارتن، اعطاه لنوا وطلب منه ان يعيد اخراج كل الملفات والصور المحذوفة منه.
وقد اعاده له نوا كما طلب في العيد ميلاد.
لم يرجعه لسارة بل احتفظ به.

لا يعلم لما كان الفضول يتآكله بالنسبة لهذه الفتاة ليقوم بخطوة كهذه!
خطوة ضد اخلاقه وما اعتاد ان يكون عليه.

احيانا كريستيان يسيطر عليه جانب مظلم في شخصيته، يدفعه لإتخاذ قرارات شريرة، ألا نفعل ذلك جميعنا؟

كان الآن قد فرغ من البحث في محتويات الهاتف، لا يعلم ما كان يبحث عنه!
فهو يعلم ان هناك سر ما خلف ذلك الحلم الذي تأتيه فيه سارة كل ليلة تقريبا.
انه حتى ليس حلما، بل كابوس!

بحث مطولا في ملفات الهاتف من صور وفيديوهات وملفات وقد وجد العديد من الامور التي زادت من فضوله لها.

رأى صورا لها وهي سعيدة مرحة تبدو خالية من الهموم، حتى انها تبدوا اصغر سنا تأملها كثيرا، وارسل الى هاتفه صورة لها وهي تبتسم إبتسامة عفوية!
وجد ايضا صورا لها وهي بصحبة والديها، وصورا بصحبة آدم واخرى بصحبة ميليسا وتبدوان سعيدتين كثيرا.
ووجد صور اخرى لشاب طويل قوي البنية وله ملامح شرقية، حاجباه سميكان وعيونه بنية ولحية متوسطة تغطي وجهه الاسمر مع ابتسامة خفيفة.

من يكون هذا الشخص لتحتفظ سارة بصوره بشكل خاص في هاتفها جنبا لجنب مع صور عائلتها!

ثم وجد برنامج مذكرات يومية، وقرر انه لن يقرأه فهو شيء خاص جدا لا يحق له!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي