43

(هل يعيد الاسف ما فات؟)


الشر والخير طريقان متوازيان، لن يسبق احدهما الآخر ابداً.
هذا الصراع الازلي خُلِق كما خُلِقنا نحن، له اهداف ومهام وادوار ليؤديها.
فلن يقضي الخير على الشر ولن يقضي الشر على الخير!

مايكل؛

كان مايكل يريد اصلاح غلطته التي قام بها منذ ما يزيد عن عام.
لا يعلم لما لم يوضح لميليسا ما الذي حدث بالضبط، كان يتوقع انها ستغضب ايام ام اشهر ثم ستعود، ولكنها لم تفعل.
الآن هو مصر لتعود له ميليسا بكل الطرق، ويعتقد ان خطته تسير في الاتجاه الصحيح.
ماهي الا فترة وستعود له كما في السابق.

لقد اتصل بها البارحة وكانت في المستشفى، وقام بإسال باقات من الورود التي تحبها، وهو في الطريق متوجه اليها، سيبقى في جانبها وسيساندها حتى تشعر به مجددا.
خسرها مرة ولن يعيد الكرة، كان يظن ان حبه لها سينسى بعد مدة بسيطة، ولكن لم يزده الفراق الا عشقا وشوقا لها.

قارب على الوصول إلى المستشفى، تأنق من اجلها وارتدى ثيابه بعناية ووضع العطر المفضل لديها.
ركن سيارته وتوجه إلى الاستعلامات، استفسر عن حالتها وحالة والدتها وتوجه إلى غرفتها.

مر في ذاكرته صوتها حين قالت له بصوت حزين يغالب عليه اليأس: "لقد تعبت كثيرا، مايكل. اريد فقط ان أرتاح، لا اعلم ما الذي يريدونه مني". ثم بدأت تبكي.
قبض بقوة على علبة الشوكولاتة التي بين يديه، لولا تلك التي جائته مثل الملاك واخبرته عن حال ميليسا لما استطاع ان يكون بقربها الآن، الفضل لها.

وصل الى الغرفة نظر نحو الباب وهو متوتر، تنفس بعمق ثم اتجه ليفتح الباب.
ولكن يد ضخمة قبضت على يده قبل ان تصل يده الى مقبض الباب، رفع بصره ناحية صاحب اليد الضخمة، ليجد نفسه ينظر الى رجل طويل وكثيف العضلات.
نظرا الى بعضهما، ولكن مايكل لم يتنازل لإبعاد يده بل ظل ينظر بإستفسار.
قال الرجل: "ممنوع الدخول".

سحب مايكل يده اخيرا وهو يعتقد انه قد أخطأ في رقم الغرفة، فنظر إلى رقم الغرفة المكتوب وقال: "أليست هذه غرفة الآنسة ميليسا جراي؟".

قال الرجل بجدية تامة: "نعم انها غرفتها وممنوع الدخول اليها الا عائلتها فقط!"
لم يعرف مايكل بم عليه ان يقدم نفسه، "خطيب سابق" ليس فكرة جيدة في مثل هذه الظروف.

ميليسا؛

كانت ليلتها طويلة، والمهدئات لم تساعدها الا على النوم، وبمجرد ان افاقت شعرت بصداع وتورم في يدها نتيجة سقوطها عندما ارتمت والدتها فوقها.

لا تزال متأثرة من حالة والدتها، صحيح انها رأتها وقد اخبرها الطبيب انها ستعاني من بعض المضاعفات ولكن ستتحسن مع الوقت، الا انها تعلم ان والدتها معتزة كثيرا بجمالها، فهي من ايقونات الجمال.

سرحت قليلا فيما حصل ليلة البارحة حوالي منتصف الليل، حيث جاء كريستيان الى غرفتها ليطمئن عليها ويأخذ سارة الى المنزل، عندما دخل كان معه جاك.
نبض قلبها بنبضات متوترة عندما دخل، كان ينظر لها بعينيه الكثيفة الرموش وكأنه يلوم عليها او يعاتبها، هل كان ينتظر منها اعتذرا، اذا سينتظر مطولا، هكذا فكرت ميليسا.

تقدم وقال جملة واحدة وخرج بعدها مباشرة "اتمنى لكِ السلامة، وارجوا ان تهتمي بسلامتك اكثر من ذلك".
لم ينتظر ردها، لم يودعها لم يلتفت اليها عند خروجه.
لا تعلم لما آلمتها تصرفاته هذه، لا يجب ان تؤلمها انه لا يعني شيء في حياتها.

قطع حبل افكارها صوت ضوضاء أمام باب الغرفة، نهضت من سريرها وتوجهت إلى الباب لترى ما هناك، ولكنها اصبحت تخاف من المفاجآت فلربما يكون ذلك المجرم!
ولكن والدها وكريستيان اكدا لها البارحة ان الحارس لن يسمح لأي غريب بالدخول.

قررت ان تنظر ما الامر فلابد ان الحارس يقف عند الباب، فتحت الباب ووجدت ان ثلاثة ازواج من العيون نظرت اليها مباشرة.

كان الحارس، وهو حارس جاك الشخصي، كما اخبرها كريستيان، فهو يثق به، وحينها استغربت حيث ان والدها لم يثق في جاك نفسه ليعين حارسه.
ومع الحارس يقف مايكل وجاك، يبدو انهم كانوا يتناقشون.
قال مايكل بحنق: "مرحبا عزيزتي ميليسا، اردت زيارتك ولكن". نظر بإتجاه الرجلين اللذان امامه واكمل قائلا: "بعضهم يحاول منعي".

تحدث جاك ببرود وقال: "ان والدك منع اي شخص من الدخول اليكِ الا افراد العائلة، حتى يأتي وهو سيصل بعد ربع ساعة".
ميليسا: "اذا وماذا تفعل انت هنا، فأنت لست من افراد العائلة".
ارتبك جاك حيث انها ضربت بكلامها ضربة حساسة، فقال لها: "اذا كنت تثقين به، فلا بأس".
واعطاها بظهره مبتعدا، فقالت: "ان مايكل هو خطيبي".
لا تعلم لما قالت ذلك، واربكها وفاجئها قولها هذا اكثر مما فاجأه هو بنفسه، وقف مكانه لثواني ثم استكمل طريقه وقال هي بصوت لا تعلم ان كان قد سمعها او لا: "خطيبي السابق".
وبهذه الكلمات بهتت الابتسامة التي كانت على وجه مايكل.
وعندما دخلت إلى غرفتها حاول مايكل تلطيف الاجواء بالمزح واسترجاع بعض من ذكرياتهم الجميلة معا.
وبعد فترة قصيرة قالت ميليسا: "شكرا لك مايكل".

ابتسم لها ابتسامة تظهر ما في قلبه من عشق لها وقال: "على اي شيء!"
ميليسا: "على اهتمامك وارسالك للازهار ليلة البارحة، وعلبة الشوكولاتة هذه وايضا محاولتك للتخفيف عني".
جلس بقربها وقال: "انتِ تستحقين اكثر من هذا، ولعلي اكفر عن خطئي معكِ".
ميليسا: "ولكن انا.....".

في هذه اللحظة دخل والدها وسارة وآدم.
تبادلوا الجميع التحية، وكان جورج ينظر إلى مايكل بنظرات غريبة، فهو اصبح يشك في الجميع.

سارة: "لقد كنا عند والدتك، ان حالها اليوم جيد، وهي تود رؤيتكِ".

استأذن مايكل وخرج متجها إلى عمله، وسارة ذهبت لرؤية والدتها.



كريستيان؛

جالس في مكتب ادارة الشركة وهو سارح بأفكاره، يفكر في حديثه البارحة في السيارة مع جاك.
يبدو شاب طيب ولكن به امر غريب، ولدى والده الحق في الشك به.

يدعوا الله لان يكون قد احسن الاختيار، وليس العكس، مايثير الريبة هو اصرار جاك على ان يتولى امر حماية ميليسا، رغم معرفته القصيرة بها.

يتذكر ما اخبره به في السيارة، وما دار بينهما من حديث، حيث قال له جاك: "سأوكل مهمة حمايتها الى حارسي الشخصي، انا اثق براف كثيرا".
في حينها قرر كريستيان ان يرفض فبدأ بقول: "ان الموضوع حساس وانا ار.....".
ولكن يبدوا ان جاك قد قرأ لغة جسد كريستيان وفهم ما كان سيقوله، وانه سيرفض".
فأسرع بالقول: "ان امر حماية ميليسا مهم جدا بالنسبة لي، وتستطيع ان تأخذ مني تعهدا اما المفتش انني سأكون حريص وأمين على سلامتها".

كريستيان: "لم اقصد هذا ولكن الامر خطير جدا، وعلينا نحن عائلتها ان نكون مرتاحين وواثقين في الشخص الذي سيقوم على حراستها وتأمين السلامة لها".

جاك: "انا اتفهمك تماما، وان كنت تحتاج لإثباث بأنني وحارسي الشخصي سنكون على قدر المسؤولية، فإنني مستعد لكتابة تعهد على نفسي بتحمل كافة المسؤولية".
صدم كريستيان بإصرار جاك، ولأول مرة يستصعب عليه رفض طلب لأي شخص.
وفي لحظة ضعف منه امام اصرار جاك الذي تشبت بالامر وكأن حياته متوقفة على أمان وحياة ميليسا وافق كريستيان.

ولكن الآن يؤرقه هذا الامر كثيرا، يخشى ان يكون قراره خاطئ، على الرغم من انه تواصل طوال الوقت مع راف.


منزل جراي؛

بعد مرور عدة ايام عادت فيها سوزي الى المنزل بصحبة ممرضة، كانت ملفوفة بالضمادات، وحزينة وصامتة اغلب الوقت.

دخلت ميليسا لتجلس بجانب والدتها على حافة السرير، امسكت بيد والدتها.
نظرت لها سوزي ثم ابتسمت وقالت: "انا كنت مضمدة من قدمي واستأت كثيرا بسبب عرقلتي على الحركة، اما الآن فأنا مقيدة هنا".
ميليسا وقد ادمعت عيناها بسبب شعورها انها السبب فيما حدث مع والدتها، وايضا شفقة عليها حيث ان المرأة عموما تحب جمالها وتصاب بالاحباط واليأس ان حدث امر كهذا لها، خصوصا ان سوزي جميلة جدا ودائما ما يمتدحها الناس، حتى انهم احيانا يعتقدون انها اخت ميليسا الكبرى.

ميليسا: "انا اسفة يا امي كله بسببي".
ثم اجهشت ميليسا بالبكاء شفقة على والدتها.
امسكت سوزي بيدها يد ميليسا وضغطت عليها بضعف، حيث انها لا تستطيع تحريك يديها بحرية بسبب حروق اعلى ظهرها.
قالت بصوت حزين: "انا لست نادمة على ما فعلته، وان كان سيحدث لكِ مرة اخرى سأعيد ما فعلته، رفعت يدها تمسد وجه ميليسا ببطئ وقالت: "لابد ان الذي فعل ذلك يغار من جمالك، ليرغب في تسويه هذا الوجه الملائكي الجميل".
ميليسا: "اتعتقدين انها إمرأة!"
سوزي: "انا اصبحت متأكدة من انها إمرأة"

دخل جورج واحتضنهما سويا وهو يحاول الا يضغط على سوزي.
جورج: "يبدو ان ذلك الحارس يقوم بعمله بشكل ممتاز، فها هو يقف خارج الباب"
ضحك ثلاثتهم لأول مرة منذ مدة.
قال جورج: "سأذهب الى مركز الشرطة، لقد اتصل بي المفتش واخبروني ان لديهم مشتبه به".
وضعت سوزي يدها على قلبها وقالت: "يا إلهي ارجوا ان يكونوا قد عثروا عليه حقا"

دق الباب ودخلت سارة وفي يدها بعض الحلويات الشرقية وقالت: "لقد صنعت هذه من اجلك يا سوزي، اتمنى ان تعجبك".
جورج: "وانا؟ اليس لدي نصيب فيها".
سوزي: "ايها الغيور، انا البطلة هنا واحتاج الى ان يتم تدليلي".

سارة: "حسنا، اعتقد يا عمي جورج انك يجب ان تسرع الى المطبخ قبل ان يتم الاجهاز عليها كلها، فآدم وكريستيان وكأنهما يتسابقان من يلتهم اكثر عدد".
ضحك جورج وهو يضع نطارته ويقول: "اذا فالاسرع والا سأطلب تحضير المزيد".

كانت سوزي تلتهم القطعة الثانية وهي تقول: "اممم، هذا لذيذ ولكن ما اسمه لم اتذوقه من قبل:.
سارة: "انه المقروض، وهو احدى الحلويات الشرقية التي نحضرها في بلادي".
ميليسا: "امي، عليك مراقبة وزنك، ان سارة مصرة على ان تكسبي بعض الكيلوجرامات على ما يبدوا".

بعض الحمولة تخف عنا بصحبة طيبة تؤنسنا وترطب لنا قساوة الايام.
الحب انواع ولكل نوع علاقة خاصة بها، فلا نستطيع جمع علاقاتنا في حب واحد، ولا نستطيع ولا نستطيع ان نمنح علاقة واحدة كل انواع الحب.

حب الله وهو اعظم حب وما ان ينزرع داخل قلبك حتى تفهم سر الحياة والسعادة.
حب امومي من اسمى درجات الحب، فيه لا يستخدم الانسان الا قلبه.
وحب الاب وهو يوازن قلوبنا ويجعل منا نحب ولكن بعقولنا ايضا، يجعلنا ننمو سالمين نفسيا بحب صحي.

حب الازواج وهو علاقة سامية ابدية لو دام فيها الوفاء والاخلاص

حب الاخوة وهو ورود الحياة ومنبع لزرع حب الحياة.
حب الابناء وهو وكأن تحب ذاتك فهم مرآتنا وانعكاسنا لأنفسنا.
حب الغير وهو معنى الايثار وطيبة القلب والسماحة.

هنيئا لمن عاش محبا وزرع حديقة حياته بانواع الحب المختلفة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي