10

هل اقفلت في وجهك كل الابواب؟ هل تقطعت بك السُّبل والاسباب؟ لم تعد تجد طريقا للنجاة؟
هو من خلق النجاة، وخلق الموت والحياة، ويسبب لك الاسباب لتقطع طرقا قد تظنها طرق الشقاء، فيأتيك الله بنوره رحمة منه وسخاء، يلملم جراحك ويطهر روحك ويبعد عنك الاذى.
"إن المؤمن القوي احب لله من المؤمن الضعيف".
المؤمن القوي هو من يتوكل على الله وينظر في الاسباب، ويصبر عليها ويجتهد ويجاهد، من يكون قلبه قويا بنور الايمان واليقين، ويوقن انه لن يصيبه الا ماكتبه الله له.
......................

ظلت جالسة في مكانها لم تتحرك، على نفس الكرسي، حتى جفت دموعها وأسدل الليل ستارة، فهو لا يتأخر عن موعده ولا يبالي ان لم يجد البعض مسكنا يؤويهم وحشة غياهبه وظلماته.
بطنها تؤلمها من شدة الجوع، حتى انها تضع يديها على بطنها لتسكت الآم الجوع. يومان كاملان لم تأكل فيهما طعاما.
امتلئت الحديقة ببعض المارة الذين يتسامرون ويتناولون بعض الشطائر والمشروبات.
كانت روائح الاكل تخترق خياشيمها، وتزداد معدتها اضطرابا، احست بالضعف والاعياء، فكثرة الجلوس على الكرسي آذى ظهرها.
مر الوقت وبدأ المكان يهدأ، تقارب الآن الساعة الواحدة ليلا، فالآن موعد ازدحام البارات والنوادي الليلية وليس الحدائق العامة.
ما شعورك ان كنت في وسط البشر غريب ووحيد، تحس انك مكشوف للجميع لا تنتمي لأي مكان ولا لأي انسان؟
وحيد لا أنيس ولا رفيق، لا منزل ولا مأوى.
نظرت حولها وأحست بالوحشة والخوف، انها اول ليلة في حياتها تبيت في الشارع، هي فعليا مشردة على الطرقات وفي الشوارع.
ويلٌ لمشعلين الحروب، ويلٌ لمهجرين الشعوب، ويلٌ لخاطفين الاوطان.
كان لها منزل، وغرفة، وسرير، وفي آمان والديها تعيش. وها هي الآن بلا مأوى تنام في الطرقات وعلى كراسي الحدائق!
لمحت كيس على الكرسي الذي بجانبها، ذهبت إليه وفتحته، وجدت فيه بقايا طعام!
اخذته ونظرت حولها علّ احد يراها، فاللانسان كرامة، وان اجبروه وذلوه فتبقى الكرامة وعزة النفس شيء فطري خلقت معه.
امسكت الشطيرة بيديها ونزعت قليلا من الجهة التي أكل منها صاحبها ورمته، وقربت الباقي لفمها، لم تطعها نفسها العزيزة فقد إشمئزت، بقت تنظر إليه ثم بدأت تأكله بسبب الم الجوع الشديد وهي تبكي بصمت.
لم تفكر حتى ان كان لحم الشطيرة حلالا ام لا،
فغريزة البقاء تستيقظ في الانسان فورا عندما يجاوره خطر ما او شيء قد يؤدي لإنهاء حياته.

لا تعلم كيف نامت، ولكنها استيقظت على ضوء بزوغ الشمس، حمدت ربها انه لم يحصل لها اي مكروه.
اتجهت للحمام العمومي وفكرت انها لم تستطع ان تصلي بالامس، وهو اول يوم لا تصلي فيه، احست بفراغ داخلها، انها لا تعلم حتى اذا كان هناك مسجد قريب.
قررت محاولة البحث عن عمل اي عمل كان، عليها ان لا تستسلم، عليها ان تجد عملا لتستطيع ان تأكل وتجد اين تنام.

......................

مر يومان وسارة لا مكان يؤويها، وعندما تبحث عن عمل لا يوظفونها بسبب ان ليس لديها اثبات هوية، هي لا تعلم كيف حتى انها ستتصل بالكشافة لتطمئن على آدم.
كانت تبقى في الحديقة حتى وقت متأخر لتأكل بواقي الطعام ان وجدت، ووزنها نقص نصفه خلال يومان؛ وبعدها تذهب إلى المسجد الذي اكتشفته من دورانها في الشوارع، لتنام فيه بعد ان سمح لها حارس المسجد بذلك، و تستيقظ قبل آذان الفجر لتخرج قبل ان يأتي المصلين!

اما ميليسا فبحثت عن سارة في كل مكان ولم تجدها، ذهبت إلى كل المطاعم علها تجدها تعمل هناك ولكن لا فائدة.
حتى انها ذهبت الى مدرسة آدم فأخبروها انه لم يأتي منذ ثلاثة ايام، وان الدراسة قد انتهت بالفعل.

ذهبت اليوم إلى المطعم الصيني وسألت عنها يو يان ولكن اكدت لها انها لم تأتي.
لا تعلم لماذا ولكن تحس بتأنيب ضمير رهيب ولا تستطيع تجاهله ابدا.
بالرغم من وجهة نظرها ان سارة مذنبة وقامت بالسرقة ولكنها تلوم نفسها انها لم تعطها فرصة!

ذهبت إلى قهوة فرنسية وجلست خارجها، تشرب قهوتها وكرواسان فرنسي.
قليلا حتى جلست فتاة امامها، وهي ترفع نظارتها الشمسية لفوق رأسها.
الفتاة: ميليسا؟!
ميليسا بضحكة مرحة: سالي!
وبدأتا الفتاتان تسترسلان فالحديث.
ميليسا: منذ متى وانتِ هنا، لم اعلم انكِ عدتي؟
سالي: لقد عدت من قرابة الثلاثة اسابيع؟ اخبريني عن اخبارك، احقا فسختي خطبتك من مايكل؟
ميليسا: نعم.
سالي: لماذا؟
ميليسا: دعينا منه واخبريني عنكِ، هل عدت مع زوجك؟ انني اتابعك على مواقع التواصل الاجتماعي واعتقد ان لديكِ طفلة صغيرة، اليس كذلك؟
سالي: نعم، واعتقد انني سأرزق بأخٍ لها قريبا.
ميليسا بحماس: واااو هذا مدهش.
وبعد ان تابعتا حديثهما، تذكرت ميليسا ان زوج سالي يعمل في مؤسسة للاتصالات او ماشابه.
ميليسا: هل يستطيع زوجك تتبع رقم من اجلي واحضار معلومات عنه.
سالي ضحكت بتسلية: من؟ هل هو شخص اعرفه؟
ميليسا ابتسمت: لا ليس كما تعتقدين، انها هي وليس هو. فالحقيقة صديقة اختفت فجأة وانا مشغولة عليها.
سالي: حسنا، سأسئل نوا واخبرك.
......................

تقاسيم وجهه غاضبة، والتي ولسبب ما تبث الرعب في قلوب الناظرين اليه.
فهو عند الغضب يتحول من انسان متفهم وراقي، الى شخص قاسي لا يرحم.
كان الموظفون في حالة تأهب قصوى، حيث أن الجميع يتجنب إزعاجه او تأخير المهام المكلفة اليهم.

نظر إلى الموظف الواقف أمامه، بعينيه السوداء اللاتي من شدة سوادهما يظن الناظر اليه ان لا بؤبؤ فيهما.
كان الغضب ظاهرا ف عينيه، كيف لا واعظم المشاعر التي تبرزها العين هي مشاعر الغضب.

منذ يومان وهو يجري تحرياته، ليكشف ما الذي تخطط له فيرونيكا مع جيم!
الموظف: هذا ما استطعت جمعه وهو موثق بالصور والفيديوهات.
ينقر بأصابعه على الطاولة، وهو متكئ على كرسيه وقدماه فوق الطاولة.
نظر مطولا للموظف، وكأنه يخترق مظهره الخارجي بنظراته لينظر لأعماق روحه، مما زاد من ارتباك وتوتر الموظف.
قال اخيرا: انت تعلم ماسيحصل ان علمت ان هذه المعلومات او هذا الموضوع تسرب او علم به احد آخر غيرنا، صحيح؟
اومأ الموظف برأسه وقال: لم اخيب ظنك قبلا.
كريستيان: جيد.

انصرف الموظف وفتح كريستيان الملف، وشاهد الصور بإبتسامة جانبية على شفتيه ثم قرأ التقرير المكتوب، والذي أشار الى ان فيرونيكا على علاقة مع المدعوا جيم منذ قرابة العام، وتستمر علاقتهم حتى اليوم!
توسعت ابتسامته بخبث ها قد امسك الزلة!
اذًا كانت تحاول الكذب والادعاء لتُسقِط قضية الطلاق! ولكن ماغرضها من ذلك؟ اذا كانت على علاقة بجيم الذ اعدائه في سوق العمل، لم تريد الآن ارجاع علاقتها معه، لابد انهم يخططون لشيء ما ضده وعليه اكتشافه.
وضع بطاقة الذاكرة التي عليها الفيديوهات في جهازه الحاسوب، وبدأ يشاهد!
.......................

آدم
مرت عدة ايام واختي سارة لم تتصل، احس بالقلق الشديد عليها، ولكني مازلت انتظر اتصالها.

وغير ذلك فإن مخيم الكشافة يعجبني، لقد تعرفت على عدة اصدقاء. واصبحت احاول الاعتماد على نفسي في عدة امور. حتى اصبح رجلا بسرعة واستطيع مساعدة اختي سارة.

غدا هو يوم الجمعة وسيأخذنا جيفان انا وبعض الاطفال لصلاة الجمعة في مسجد منهاتن.
انا متحمس لذلك كثيرا!
واتمنى ان تتصل سارة قريبا لأحدثها عن الاشياء الرائعة هنا.
................

ظلام دامس يكاد يخشى المرء انه إن مد يده تقطع،
كان يحدق في اللا شيء، سواد يلفه من كل اتجاه. فجأة سمع صفارات الإنذار، وتليها صوت اطلاق الرصاص.
يبدوا ان احد المساجين كان يحاول الهرب، ولسوء حظه ان تلك الرصاصات لم تقتله، ها هو يسمع صرخاته جراء الآمه من جلد جلاديه!
فجأه عم السكون من جديد، هو في سجن انفرادي تحت الارض، لا يربطه بالعالم الخارجي الا نافذة تبدو للمارة من الخارج بالوعة مجاري!
سكوت قاتل وظلام دامس وهجران للنوم لا يؤنس وحدته الا صوت ازيز الفئران، التي كان يشمئزها اما الآن فهي تعيش معه وتأكل فتات طعامه!
قلبه منقبض، لم تصله اخبار عن سارة منذ عدة أسابيع!
ماذا تفعل وكيف تعيش هي وآدم وهل المحامي عمر بعث لها بالمال ام انه تخلى عنه وعنها كما فعل الجميع.
انه ينتظر موته في كل يوم، فهو يرى في موته راحة له، ولكن يشغله حال ابنة اخته سارة، ويدعوا الله دوما ان يحفظها هي وآدم.
يذكر كيف انقلب الجميع ضد الجميع منذ اندلاع الحرب، حتى الجار اصبح عدوا لجاره ويبلغ عنه.
لم يستطع ان يأمن احد عليهما ، فقرر ارسالهما لأمريكا وبعدها يراسل عمهما الذي هاجر مما يزيد عن 25 سنة وقاطع الوطن واهله، ليخبره بأمر وفاة اخوه ووجود سارة وآدم بمفردهما في الغربة.
ولكن الملاعين وضعوه في الانفرادي ومنعوا عنه الزيارة، وايضا جمدوا امواله وممتلكاته جميعا حتى اشعار آخر.
كل يومين يقومون بإخراجه من زنزانته متوجهين به لمكان واحد وهو غرفة التعذيب.
كان تعذيبا وحشيا، جلد بالسوط على ظهره الى ان يدمي، او ممارسات وحشية اخرى كإغراق وجهه فالماء حتى تنقطع انفاسه ويشارف على لفظ انفاسه فيقومون بإخراجه ليركض الهواء في خياشيمه ورئتيه.
اليوم كان احدى جلسات التعذيب وبسبب الآم ظهره لم يستطع النوم.
فجأة سمع حركة غريبة في الخارج، حاول ارهاف السمع، يبدو انه هناك حريق ما!. عم الهرج والمرج بين حراس السجن.
لم تمر الدقائق حتى فُتح باب الزنزانة ودخل رجل ملثم.
هل ستتم تصفيته الآن! هذا اول ما خطر بباله.
.....................

تمشي بلا هدى، قدماها تورمتا بحثا عن العمل. ولكن كل من يرى هيئتها بملابسها التي اصبحت متسخه وفوضى شعرها، يعتقدون انها متسوله ويرفضون اعطائها فرصة عمل، واي بصيص امل تفقده عندما يسألونها عن بطاقة اثبات الهوية!
كانت تمشي شاردة الذهن وقد بدأت الشمس في المغيب، ومن جهلها في المدينة، اخذتها اقدامها الى زقاق ضيق ومظلم.
تحدق بها عيون متطفلة ولكنها لم تفطن لها، فجأه احست بظلمة المكان ووحشته، انتبهت إلى ما حولها، لم تطمئن للمكان، اسرعت في خطواتها وهي تلتفت يمنى ويسرى، وبعد قليل احست بخطوات تسير خلفها، فأسرعت بخطواتها، ولكن الخطوات اسرعت ايضا.
قررت الالتفات والتأكد بالرغم من رعبها مما ستراه، التفت ووجدت اثنين من الشباب خلفها يبدوان مريبان للشك من هيئتهما وشعرهما الطويل.
ركضت وللأسف ركضا خلفها، وهنا تأكدت سارة انهما يسعيان خلفها، دب الرعب في اوصالها.
قال احدهما بصوته الخشن: لا تركضي ياصغيرتي فلا مهرب لكِ منا.
قال الآخر: لا تخفها، نحن فقط نريد التحدث.
بدأت تركض بأسرع ما أوتيت من قوة وفي قلبها لا تردد الا كلمة واحدة: يارب، يارب، يارب.
كان رعبا حقيقيا بالنسبة لها، والعجيب ان لا أحد من المارة القليلون جدا يهتم بما يحصل!
احست بحرارة في رئتيها من سرعة الركض ودقات قلبها تكاد تخترق جلدها بسبب الخوف وتعب الركض.
ولكن للأسف كل ما كانت تركض كانت تتوغل في ذلك الزقاق اكثر وهي لا تعلم، حتى وجدت نفسها في زاوية ضيقة ومقفلة.
وقفت في صدمة، أهي النهاية! تمكن منها اليأس والرعب، تقدم منها الشابان وهما يضحكان بصوت مقزز، كانت البنايات العالية تحيط بها من كل اتجاه ولا مخرج الا في اتجاه المجرمين!
نظرت خلفها ووجدت زجاجة خمر كبير ملقاة اخذتها وكسرتها وامسكت بأحد جانبيها لتدافع بها عن نفسها.
كانت ترقص رقصة المذبوح، تدافع دفاع حرارة الروح.
والعجيب انها من الصدمة لم تبكي ولو دمعة واحدة!
ضحك احد الشابين وقال: اتحاولين منعنا بقطعة الزجاج هذه ايتها القطة الصغيرة!
اقترب احدهما وقال للأخر أحرس المكان ريثما انتهي منها.
ولكنها لم تكن وحيدة كما تعتقد، كان معها من يسمع ويرى، من يؤتي الاسباب ليخرجك من بين فكي ثعبان ان شاء، من له القوة على كل شيء.

عندما اقترب منها الشاب امسكت بالزجاجة المكسورة بكلتا يديها تلوح بها أمامها، وقالت من اعماق اعماق قلبها وبكل ما أوتيت من قوة: ياااااااااارب.

فجأة سمعوا صوت إمرأة من احدى شرفات البنايات المحيطة بهم قالت: يا أيها الاوغاد خذوا ماتستحقون، وسكبت ماء مغلي على الشاب الذي يحرس المكان، جلجل صراخه عاليا، ثم في لحظة ذهول من الشاب الذي يريد الاعتداء عليها، اسرعت سارة في اتجاهه وضربت وجهه بالزجاجة المكسورة على وجهه، امسك وجهه وصرخ ثم قال: يا أيتها اللعينة.
رمت المرأة التي في الشرفة إناء زجاجي ضخم فوقه وقالت: أركضي ايتها المسكينة ولا تنظري خلفكِ ابدا.
وأكملت تقول: "سأتصل بالشرطة" تهدد المجرمين.
ركضت سارة بأسرع ما تستطيع، حتى خرجت من الزقاق، ودخلت إلى شارع رئيسي، حيث الأنس والحركة والاضواء، اتكأت على اول عمود انارة وبدأت تلتقط انفاسها.
ما الجحيم الذي اوشكت على رمي نفسها فيه!
اتجهت إلى الحديقة العامة، جلست على كرسي وقدماها لا تكاد تحملانها.
ما إن جلست حتى اغرورقت عيناها بالدموع، ثم بدأت تسيل على خديها كما السيل الجارف، ولكن بماء ساخن حارق.
دموع ألم وقهر وعجز ووحدة، دموع خوف من المجهول ورهبه ويأس!
لم تستطع ان توقف دموعها رغم تحديق بعض من في الحديقة بها.
نهضت واتجهت إلى مسجد منهاتن حيث اصبحت تنام ليلا.
.ً..................

لِمَ الليل طويل على المظلوم والحزين والمشتاق؟
هل يعلم الليل انهم يصبحون في اشد وحدتهم وضعفهم عندما يَحْضُر ويلون سواده زرقة وصفاء السماء!
ألهذا يطول عليهم دون سواهم ليزيدهم عذابا وشوقا وحزنا وتفكيرا؟

ها هو آدم يتكئ خارجا يناظر النجوم ويسألها بطفولته البريئة إن رأت اخته سارة فهو لها يشتاق.

وها هي ميليسا تتقلب في سريرها المريح وقد هزمها الحزن وتعذيب الضمير!

وها هو كريستيان يتجرع طعم الخيانة، فقد اكتشف خيانة فيرونيكا له ايام زواجهم. فهجره النوم يراجع حاله واحواله!

وأما سارة فقبعت فى إحدى زوايا المسجد وضمت لصدرها مصحف تحاول الاستئناس به.

ولم تستطع النوم فبعد ما حدث لها اليوم لم تأمن نفسها ان يتهجم عليها احد آخر.
واما الآم الجوع فقد اعتادتها.
كان حارس المسجد رجل مسن، بشوش الوجه، سمح لها بالبقاء لكن عليها ان تخرج قبل أذان الفجر!
غلبها النعاس للحظة فسمعت صوت حركة بجانبها، انتفضت فزعه. هل سيتهجم عليها شخص آخر؟

وجدت انه الرجل المسن، فقال لها بصوته الهادئ: اتيت إليكِ ببعض الطعام والشراب يا إبنتي!
وما إن سمعت كلمة ابنتي والحنو في صوته، حتى بدأت تبكي، تبكي بشهقات وصوت مسموع.
كم تمنت سماع هذه الكلمة "ابنتي" اشتاقت الى سماعها منه، اشتاقت له، اشتاقت الى آمان حضنه، الى رائحته، الى نظرة الحب في عينيه، ضاع سندها، ضاع آمانها، ضاع عزوتها!
لم يتحدث المسن وإنما ظل جالسا قريبا فقط.
بعد أن هدأت طلب منها أن تأكل وتحكي له حكايتها.

فكما يوجد في العالم شر، وهذا أمر مفروغ منه، يقابله الخير، فلن ينتهي الخير الى يوم الدين!
لا تستعجب ان وجدت اناسا طيبين في زمن كهذا، لا يبغون منك مصالح ولا منافع، هم فقط طيبيون، ولكنهم نادرون، كعملة ثمينة او ككنز نفيس.
فكما خلق الله الشر خلق الخير. وسيظل الشر عنصر مشهور والخير عنصر مخصوص.

بعد أن أكلت، وكان فعلا طعاما وليس بقايا طعام، فهي لم تأكل طعاما يقيم الصلب منذ اربعة ايام.
تحدثت إلى المسن وشكرته، وبدأت تحكي حكايتها، الذي اشفق على حالها، وقال انه سيتحدث مع بعض المصلين الذين يجد فيهم الطيبة، ويسألهم بعض المال لتأوي نفسها وتبحث عن عمل وتتواصل مع سفارة بلادها!
وقد لامها لعدم لجوئها الى المسجد وطلب العون من بعض الخيرين.

احست سارة ببصيص أمل، علّها ستفرج وآخيرا .............
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي