52

(الوجه الحقيقي للذئب)


ميليسا؛

بعد رحيل جاك في الصباح، جلست مع عائلتها على مائدة الافطار، كان الكل غارق في افكاره الخاصة، حتى آدم بدا منعزلا داخل قوقعته، وجميع محاولات سوزي لقطع هذا الصمت بائت بالفشل!

ذهب الجميع كل الى مبتغاه، وبقيت ميليسا في المنزل، جلست تفكر في كل ما حدث لها، انها لا تريد حتى ان تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، تعلم انها سترى ما لا يسرها، تذكرت عندما تم التسهير بها في ذلك الموقف في حفلة التخرج في الثانوية، بدا ذلك لها بعيدا جدا، منذ ذلك اليوم قد ماتت ميليسا القديمة وولدت ميليسا جديدة.

ولدت ميليسا جديدة، تنظر إلى كلام الناس وكأنه حكم او قانون، ربما حان الوقت لرمي كل ذلك وراء ظهرها!

كانت جالسة في الشرفة الخلفية للمنزل والتي تطل على حديقة المنزل الخلفية، لم تشعر بقدوم والديها حتى وضع والدها يده على كتفها.

افاقت من شرودها ونظرت له، كان يبتسم لها ابتسامته المُطَمْئنة كما هي عادته، تمنت لو تستطيع مبادلته الابتسامة ولكن ليست قوية كوالدها، انه كجبل قوي وعلاوة على ذلك اختار الا يكون ايُّ جبل انه كجبل ايفيرست!

ليس من المنصف ان تقلق والديها دائما بمشاكلها، يبدوان مرهقان، جلست والدتها قبالتها في الكنبة المقابلة وجلس والدها بجانبها على الكنبة ذاتها ولف ذراعه حول كَتِفَيْها، اخذ يمسد ذراعها ويهدئ من توترها بكلمات التشجيع، ثم قال لها ان المفتش هنا ويريد ان يلتقي بها للتحدث في بعض الامور حول القضية.

نظرت نحو والدها وهي تقول:" هل ما زالت القضية سارية!".

كان ينظر لها بثبات وهو يحاول فهم ردات فعلها، وبدأ بسرد ماذا حدث وعلى ماذا تناقش هو والمفتش، واخبرها حول شكوك المفتش انه المجرم يحاول تشتيتهم، حيث انه لم يفعل اي شيء ليؤذيها خلال فترة سجن مايكل، وهو يعتقد انه سيستأنف محاولاته من جديد، كان جورج يقص عليها كل هذه التفاصيل وه. يحاول دراسة ردات فعلها.

وعندما لم تتحدث اضاف بعض التفاصيل كإن المفتش لا يعتقد ان كلا من جاك مايكل له دور في كل ما حدث لها، وربما يكون مايكل ضحية في الاساس تم ايقاعه ليتلبس القضية!

شبكت اصابعها في بعض بتوتر، ايعقل انه يوجد شخص ممكن ان يؤدي شخص آخر بتلك الطريقة، كم مرة حاولت ان تتذكر ان تعصر عقلها علها تتذكر ان كانت تملك عداوة مع اي شخص، ولكن ولا شخص محدد خطر في بالها.

بدلت ثيابها واتجهت بصحبة والدتها الى حجرة المكتب التي في المنزل حيث سبقها والدها اليها، كان المفتش جالس يقرأ بعض الاوراق عندما دخلت، وقف وصافحها ثم دخل في صلب الموضوع، حدثها عن الاحتمالات التي سيستعمها المجرم ليقوم بإيذائها، وعن طرق جديدة سيستعملونها من اجل حمايتها!

بعد ان انتهى المفتش وقف صافحهم وغادر، وهي علمت انها لن تستطيع الخروج بمفردها نهائيا في هذه الفترة، لا بأس مؤكد انه سيمسكون بالمجرم في النهاية، وحينها ستعود إلى حياتها الطبيعية.

احست انها تحتاج للحديث مع جاك، ربما قست عليه قليلا اليوم، فهو كان يحاول ارضائها، ربما الذي حدث ليس بيده فمايكل هو من استفزه، اتجهت الى غرفتها وامسكت هاتفها واتصلت به ولكن كان هاتفه مقفل!

غريب ليس من عادته ان يقفل هاتفه، ربما بسبب شهرته لا يقف هاتفه عن الرنين، مؤكد ان الصحافة تلاحقه. قررت ان تتصل بكريستيان ولكن هو ايضا لا يجيب، وفي هذه اللحظة رن هاتفها وكانت صديقتها سالي.

بدأت سالي بالاعتذار عما بدر من عائلة زوجها، واخبرت ميليسا ان لا علم لها انهم كانوا يعلمون ان سارة قريبتهم ولا انهم كانوا سيحدثونها اثناء الحفل لكي يخربوا اجواء الحفل، ولكنهم فعلوا

"الذي خرب الحفل ليس اهل زوجك عزيزتي لا تقلقي، ان جاك ومايكل من فعلا."

دخلت عليها مكالمة من اخيها كريستيان اثناء حديثها مع سالي، فإستأذنت منها لتجيب اخيها كريستيان.

كان يبدوا صوته بائس وحزين عكس ما سمعته ابدا، كانت تسمع وترى غضبه وعصبيته وحتى توتره، ولكن ان يكون حزين فهذا امر لم تألفه فيه من قبل، هي لا تستطيع ان تُجَمِّع في عقلها حديثها مع سارة ليلة البارحة، فكل واحدة فيهما كانت تتحدث في وادي خاص بها، ولكنها تذكر بؤس وحزن سارة ايضا!

"اين انت كريستيان، وهل اتمت موعدها"

ولكنه اجابها بإقتضاب وكأنه لا يريد الحديث في الموضوع واخبرها انه لا يعلم فهو لم يهاتفها.
استنكرت ميليسا منه هذا التصرف وقالت: "هل انت مجنون يا اخي؟ ان سارة بحاجتك في هذه الفترة، لم يكن يجدر بك ان تتركها تذهب لوحدها في الاساس."

اخبرها انه في المشفى الآن فقد سقط على يده وكسر اصابعه، وسيذهب اليها فور ان ينتهي.

"اوه، اتمنى ان لا يكون الامر خطير، ولكن كيف سقطت، لم افهم" قالت ميليسا بحيرة.

اجاب كريستيان وهو ينهي المكالمة قائلا: "غير مهم كيف حدث، سأنهي الآن المكالمة"

لاول مره يستشيرها كريستيان في شي ولو كان بطريقة غير مباشرة، اعادت الاتصال بجاك ولكن لايزال هاتفه مقفل!

كريستيان؛

كيف لم يفكر في الامر من هذه الناحية، لما كان يفكر في مشاعره الخاصة فقط، طلب من الطبيب بأن يسرع في تجبير يده، وقرر الذهاب اليها، اتصل بالسائق الذي اوصل سارة وأخذ منه العنوان، كان كمن اكتشف للتو اكتشاف عظيما سيخلد في التاريخ.

اليس من المفترض ان تكون ثقته بها اكثر من ذلك، لا يمكن لسارة ان تكون الا فتاة صالحة وهو يعلم ذلك، فالشجرة الصالحة لا تخبئ نفسها بل تعانق السماء بكل ثقة.

كان الازدحام شديد نوعا ما، ويده ترهقه قليلا، وصل إلى الحي الذي اخبره عنه السائق، ووصل إلى امام المنزل، ولكن بعد ان وصل خشيَ ان تكون فكرة قدومه فكرة غبية، تردد قليلا ولكنه قرر الدخول، ركن سيارته ونزل ليقف امام الباب.

قرع الجرس ولم ينتظر كثيرا حتى فتح الباب، فتحت له الباب فتاة تبدوا انها استيقظت للتو من نومها وقالت: "لما اليوم اتيتم جميعا في الصباح انها لا تزال الحادية عشرة".

تركت الباب مفتوح ودخلت وكأنها تسير في نومها، لم يعلم كريستيان ماذا يجب ان يفعل فلا احد امامه، بدأ ينادي "مرحبا، مرحبا، يا اهل المنزل!".

ولكن لا مجيب، فقد كانت الشرفة الخارجية تشهد مشهدا عاطفيا مؤثر ولا احد مركز على الشخص الذي ينادي.

حتى ظن كريستيان انه سمع صوت سارة، اتجه ناحية الصوت بخطوات بطيئة مترددة خوفا من انه يتعدى على خصوصية اهل المنزل.

وعندما كرر ندائه ولم يجبه احد، شعر بالقلق والخوف على سارة.

سارة التي استفاضت مشاعرها عندما رأت مكالمة والدها المسجلة تلك صوتا وصورة، بدأت بالنحيب والبكاء، بكت وكأنها فقدت والديها في التو واللحظة، وشاركها في البكاء كل من كان في الشرفة، عمها خالد وزوجته عاتكة وابنهما نوا، كانوا جميعا يبكون، لا تعلم ان كانوا قد تأثروا لبكائها ام يبكون والدها!

كان عمها فيه لمحة من ملامح والدها، وفي لحظاتها العاطفية تلك استمسكت بتلك الملامح، كان السيد خالد يبكي بدموع كالشلال على وجهه، وملامح الندم محفورة حفرا على تعابيره!

"تعالي وابكي في احضان عمك، يا ابنتي".

ذهبت من دون شعور اليه، بكت ثم بكت، لم يكن لديها اي فيديو لوالدها، ورؤية هذا الفيديوا زاد من فتح جرحها الذي لم يلتئم بعد!

قبل الفيديوا تناقشوا على كل شي واتفقوا هي وعمها، وبدموع وشهقات قالت سارة: "انا لن اخذل ابي ابدا يا عمي وسأجعله يرتاح في قبره، انتم عائلتي الوحيدة الآن، ولا يعثر المرء كل يوم على عائلة وهو مغترب في غير موطنه."

دارت الاجواء حول كريستيان حتى انه قارب على فقد توازنه وهو يسمع هذه الكلمات من فم زوجته، ايعقل ان كل ما فكر فيه صحيح! هل هي مثل غيرها لا تهتم لشيء سوى لمصلحتها الشخصية!

لم يلاحظوا وجود كريستيان معهم في الشرفة فأكمل السيد خالد: "سأصلح خطئي الذي فعلته من عدة سنوات، سأعطيك حقك كاملا انتِ واخاك، انا غني جدا يا ابنتي، وهذا بفضل مال جدك والذي لوالدك فيه النصف."

على ذكر المال يبدو ان سارة استجمعت قليلا من رباطة جأشها وجلست مستقيمة من حضن عمها ومسحت دموعها بيديها، ومن بين اصابعها لمحت كريستيان واقف امامها، وما ان رأته حتى هبت واقفه، منذ متى وهو هنا!

"كريستيان، عزيزي لم تخبرني انك قادم."

نظر لها بنظرة لم ترها في عينيه سابقا على الاطلاق، كانت نظرة جليدية، غضب بارد!
ولكن ابعد نظره عنها وقال: "اعتذر لدخولي بهذه الطريقة، ولكن فتاة ما فتحت لي الباب وذهبت وتركتني."

قالت عاتكا وهي تحاول تلطيف الاجواء: "انها ابنتي، تفعل ذلك دائما عند نومها، فنحن نقفل الباب بالمفتاح ليلا حتى لا تفتحه لكل من يطرق"

قالت ذلك وضحكت لتغير اجواء الغرفة ولكن لم يضحك احد.

لاحظت سارة يد كريستيان المجبرة، اسرعت اليه وامسكت يده من خلف الجبيرة وقالت بذهول: "كريستيان، ما الذي حدث؟".

قال بإختصار: "سقطت على يدي، وها هي الآن مكسورة".

قال السيد خالد: "تفضل يا بني اجلس لنشرب القهوة سويا."
نظر له كريستيان ببرود ثم قال: "لا شكرا، لقد اتيت فقط لآخذ زوجتي اعتقدت انها قد تأخرت."

ثبت السيد خالد نظراته على كريستيان وكأنه يقيمه، وهذا لم يعجب كريستيان، ففي العادة هو من يقيم الاشخاص.
ولكن رغم ذلك، استأذن بأدب وأخذ يد سارة يجرها خلفه حتى وصلوا الى السيارة، وما ان صعدوا اليها قالت سارة بهدوء رغم غضبها منه للطريقة التي جرها بها: "ما كان هذا، كريستيان ؟".

قال وهو يتنفس بسرعة ويحاول السيطرة على اعصابه: "ماذا الا تريدين العودة الى المنزل؟".
تجاهلت سؤاله وقالت وهي تضع يدها على ذراعه المكسورة: "ماذا حدث كيف كسرت يدك؟"

اجاب بإختصار بعدها ان سحب ذراعه من يدها: "سقطت."

استفزها اسلوبه ولكنها كبتت غضبها والتفتت الى النافذة وتجاهلته، وفعل هو بالمثل تجاهلها واستمر يقود سيارته الى المنزل.


مرت عدة ايام الامور لم تتحسن وتلك الغمامة السوداء التي تطوف فوق رؤوس ابطالنا لم تنقشع، بل انها تزداد ظلمة وحلكة، أفآن لليل ان ينجلي وللصبح ان يشرق بنوره ارجاء حياة من ارهقهم الحزن والحيرة والشك والوحدة! ام ان السواد ان استحكم يحتاج للاقتلاع حتى تجدد صفحة حياتك بصفحة بيضاء!


ميليسا؛

تتأمل خاتم خطبتها الذي في يدها، وتدوره في اصبعها بحزن، لم تنزعه منذ ان وضعه في يدها، هي لا تريد ان تتخلى عنه اطلاقا فهي تؤمن ان العلاقة الجيدة تمر بمطبات قوية جدا لكي تقوي الرابط بين الشريكين، فإن اجتازا هذه المطبات الصعبة سويا فهما في الطريق الصحيح، ولكن ان فشلوا فعلاقتهم هشة منذ البداية وتنكسر من ابسط هبة ريح.

لم تسمع اي اخبار عن جاك منذ اسبوعان، وها هي تدخل الاسبوع الثالث، يخيل اليها احيانا انه ربما قد فسخ خطبته وملَّ من امرأة مملوءة بالمشاكل، امرأة احد ما يحاول قتلها وخطيبها السابق اثر على حياته المهنية.

لقد اتصلت البارحة بي منزل والديه، ولكن التي اجابتها كانت اخته مارينا، وعندما سألتها ميليسا عن جاك قالت لها انهم لم يشاهدوه من اليوم الفضيحة حسب تعبيرها، كانت تشعر ميليسا ان مارينا لا تحبها ولكن ازداد تأكدها بعد هذه المكالمة، والغريب انها طلبت مقابلتها، ولكن ميليسا خجلت ان تخبرها انها لا تستطيع الخروج الا مع حارسها الشخصي، فدعتها الى منزل كريستيان وسارة.

كان والدَيْ ميليسا جورج وسوزي قد غادرا وعادا الى المركز بعد أن تأكد جورج من استقرار ميليسا في منزل اخيها كريستيان، كان المنزل جميل وكبير واقرب لكريستيان للشركة، كان به العديد من الغرف في الطابق العلوي، جناح مستقل رئيسي، واربعة نوم اخرى.

كان لآدم غرفة، واحتلت هي غرفة، ام تشعر بأنها ليست في منزلها ولم يؤرقها سوى نوم سارة معها في غرفتها هذان الاسبوعان، يبدو ان شجارها وكريستيان كبير وتتمنى ان يحلا مشكلتهما قريبا، فهما يتجنبان بعضهما بشكل غريب!

نزلت ميليسا للأسفل ووجدت كريستيان جالس في غرفة الجلوس يعمل على حاسوبه المحمول، وسارة جالسة تشاهد التلفاز، وآدم يلعب بإحدى العاب الفيديو.

"ستأتي اخت جاك بعد قليل، قالت انها تريد التحدث الي في أمر مهم يخص جاك."
قالت ميليسا وهي تنظر إلى سارة، ولكن جاء صوت كريستيان من خلفها يقول: "اذا كان شي ما يخص جاك شخصيا، اعتقد انه من الافضل لو يخبرك به هو بنفسه، فأن تعرف شيئا يخص شريك حياتك وهو لم يطلعك عليه مؤلم جدا"

ضحكت ميليسا ضحكة استغراب: "ماذا اخي أأصبحت شاعرا وكاتبا في النهاية؟"

كانت سارة تستمع الى كلامه بإستغراب ثم قلبت عيونها وارجعت اهتمامها للتلفاز، وسعل أدم ثم تظاهر بالانغماس في اللعبة.

نهض كريستيان وقال: "اليوم هو يوم اجازتي ولن اقضيه جالس في صالة الجلوس، انا خارج"

نظرت ميليسا نحو سارة لتجادلها فقد اصبح الامر سخيف وقالت: "سارة اع.....".

رنين الجرس قطع كلامها، ذهبت الخادمة بإتجاه الباب وفتحته وظهرت مارينا اخت جاك على عتبة الباب.
توجهت ميليسا نحوها وحيتها، قدمت مارينا التحية ايضا الى سارة وآدم ثم قادتها ميليسا نحو غرفة الضيوف.
جلستا تتحدثان قليلا ثم قالت مارينا: "ان الذي سأخبرك به امر خطير وافضل ان يكون احد من عائلتك هنا معنا".

ارتبكت ميليسا، ماهو الخطير نحو جاك، انه مسالم جدا، ايعقل ان يكون هو من حاول قتلها في المقام الأول؟

خرجت من غرفة الضيوف ووجدت كريستيان على وشك المغادرة، ومن لون وجهها سبقها في السؤال: "ما الامر؟ هل حدث شيء ما الى جاك؟"

انضمت اليهم سارة وهي تسأل ميليسا ماذا هناك.
قالت ميليسا: "اخبرتني انها ستخبرني بأمر خطير عن جاك ويفضل ان تكونا موجودين"

لأول مرة ينظر كلا من سارة وكريستيان الى بعضهما دون تحفظ منذ اسبوعان.

توجهوا ثلاثتهم الى حيث مارينا وجلسوا قبالتها، وتولى كريستيان الحديث وقال بأمر: "اتمنى ان يكون الامر يستحق سيدة مارينا!"
قالت مارينا: "بالطبع سيد جراي، فأنا امرأة وقد تعرضت للخيانة والغدر من قبل زوجي، وقد جردني من كل حقوقي".

رفع كريستيان حاجبه وقال دون ادنى شفقة: "وبعد؟" ثم اقترب نحو الامام وقال: "ما دخل هذا بأختي ميليسا؟ او اخيك جاك؟"

ابتسمت بخبث وقالت: "انت عديم الصبر سيد جراي".
كانت سارة تغلي من الغيرة ولكن نست غيرتها عندما حدث ما يلي؛
بدأت مارينا حديثها انها دائما تدعم بنات جنسها ولهذا تريد فتح بصيرة ميليسا، وبعض من الجمل الرنانة، ثم ضيقت عينيها نحو ميليسا وقالت وهي تفتح صورة في هاتفها وتعطيها الى ميليسا: "انظري!"
امسكت ميليسا الهاتف بأصابع مرتعشة ثم نظرت الى فتاة تشبهها كثيرا جدا، بشبه غريب، نفس لون البشرة نفس لون الشعر نفس لون العيون نفس الابتسامة مع اختلاف بسيط في الملامح!

ولم تكد تفق من شرودها في الصورة حتى جائتها الصدمة التالية عندما قالت مارينا: "انها سيرينا"
ثم ابتسمت وكأنها تفعل انجازا وتتلذذ بالانتصار واكملت قائلة: "انها خطيبة جاك السابقة، ولقد توفيت في حادث غامض!"

رفعت ميليسا عينيها نحو مارينا بصدمة، اخذت سارة الهاتف من بين يديها وشهقت عندما رأت الصورة، نظر لها كريستيان بإستفسار فمدت له بالهاتف وقد اندهش هو ايضا.

قتلت مارينا: "لم يخبرك عنها، اليس كذلك؟"
كانت الصدمة منحوتة على ملامح ميليسا، وبحركة وكأنها تحت التنويم المغناطيسي حركت رأسها يمينا ويسارا.

مارينا: "كما توقعت!"
كريستيان: "وكيف نعلم انكِ تقولين الحقيقة؟"

قالت مارينا بعد ان علمت انهم ابتلعوا الطعم: "تستطيع كتابة في بحث قوقل مقتل سيرينا ستيل الغامض خطيبة النجم الرياضي المشهور جاك اورسيني."

وقفت ثم اضافت: "ستجد كل شيء بالتفصيل، واعتقد ان ما ستجده لن يعجبك سيد جراي."

وقفت سارة وقالت: "شكرا لك سيدة مارينا."
اخذت مارينا حقيبة يدها وقالت: "استأذنكم الآن"

رافقتها سارة نحو الباب، وبعد ان خرجت مارينا اتكأت سارة على الباب وقلبها منقبض من اجل صديقتها، يا الهي ما هذه المصيبة.

عندما عادت سارة الى غرفة الضيوف حيث تركت ميليسا وكريستيان، وجدت ميليسا منهارة بالبكاء وكريستيان يحتضنها ويحاول تهدئتها، وما ان رأى كريستيان سارة حتى قال لها: "حبيبتي احضري حاسوبي المحمول لو سمحتي".

للحظة نسوا انفسهم ونسوا شجارهم، التفتت سارة لتذهب ثم لا اراديا استرجعت كلمات كريستيان فإلتفتت تنظر له مجددا، فوجدت انه ينظر لها ايضا وعينيه تحمل تعبيرا لم تفهمه، اخفضت بصرها وذهبت لتحضر الحاسوب المحمول.

فتح كريستيان حاسوبه وقام ببحث بسيط، وكانت هناك العديد من الاخبار، وصور لجاك بصحبة سيرينا، كانت تبدو مثل ميليسا، خصوصا في الصور التي يتم اخذها من بعيد، الا ان ميليسا اطول وانحف قليلا.

"ان كان امامي سأقتله بيدي العارتين" قال كريستيان ذلك.
واضافت سارة: "اعتقد ان الذي فعله به مايكل يستحقه."

تبادلا سارة وكريستيان العديد من الاحاديث، ولكن ميليسا لم تنطق اي كلمة.

وكل ما قالته: "انا ذاهبة الى غرفتي، اريد البقاء بمفردي!" ثم خرجت وتركتهم واتجهت الى غرفتها.

نظر كريستيان نحو سارة قبل ان يتحدث، هو يعلم ان سارة تحب ميليسا كثيرا، حتى وان قامت بإستغلاله هو فهي تكن الوفاء لميليسا.

"هل لكِ ان لا تتركيها لوحدها؟ هي بحاجة الى كل الدعم الآن". قال ذلك كريستيان وهو ينظر الى سارة دون ان تظهر اي تعابير على وجهه، فهو بارع في اخفاء مشاعره.

"بالطبع!" قالت سارة ذلك بإقتضاب ثم توجهت نحو المطبخ وأعدت كوب من قهوة ميليسا المفضلة وتوجهت الى غرفتها.
طرقت طرقات خفيفة على باب غرفتها ولكن لا اجابة، فتحت الباب ووجدت ما توقعت، ميليسا جالسة على السرير تضم ركبتيها الى صدرها ووجهها مندس للأسفل، اسلوب حماية للذات، انها تشعر بالخوف والضعف والخذلان.

توجهت سارة اليها ووضعت كوب القهوة على الطاولة التي بجانب السرير، ثم ضمت ميليسا اليها بحنان واخذت تمشط لها شعرها بأصابعها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي