61

(الرجل الغامض)

حيواتنا كالسفينة المبحرة في بحر لجي عميق، قد تصادفنا تيارات وعواصف نفقد فيها القدرة
للتحكم بالدفة، فتنجرف بنا الحياة الى طرق وشعاب لم نتخيل ابدا ان تطئها اقدامنا ولو في أبشع كوابيسنا واحلامنا!

نيكولاس؛

وقف نيكولاس وهو لا يكاد يستطيع التركيز وفتح الباب الى والدته، والتي دخلت فورا متجهة نحو السرير، فورا سقطت عيناه الى الابرة التي استخدمها الملقاة بجانب قدم والدته مباشرة، توتر ووقف بجانبها يحاول دفع الابرة تحت السرير، الا ان والدته امسكته من ذراعه بقوة نحو جانبها الاخر ليجلس بقربها.

كان هو ضعيف القوى في هذه اللحظات، فوقع جالس بجانبها، مسحت والدته على رأسه وهي تقول: " نيكولاس! هل انت على ما يرام؟ لا يبدوا أنك بخير!".
قال متوترا: "على العكس بخير، فقط كان أسبوع مرهق في المدرسة قرابة الامتحانات."

ابتسمت وقالت: "الم تعلمك المدرسة الداخلية النظام؟ لم ثيابك ملقاة في كل مكنا من الغرفة يا بني؟"
واخذت تلملم الثياب الملقاة حولها على السرير وتضعها في الحقيبة الموضوعة على السرير أيضا.
قال نيكولاس وقد أرهقه الترقب والخوف من ان تلاحظ والدته الابرة الملقاة بجانب قدمها: "انا سأدخل لاستحم ثم سأنزل لكما في الأسفل."
قالت والدته وقد تبدلت ملامحها الى تلك المرأة العملية التي لطالما كانت عليها شخصيتها: "نيكولاس!"
فهم من نبرتها ان الامر مهم بالنسبة لها، قالت والدته: "سيأتي عميل الى والدك هو وزوجته على العشاء الليلة، اردوا ان ترتدي ثيابا مناسبة وتتجهز".

ابتسم نيكولاس ابتسامة باهتة فهو لطالما كره هذه الاجتماعات، وكأن والدته قد قرأت أفكاره فقالت: "أحسن التصرف نيكولاس، ارجوك".
توجهت والدته الى الباب وهي تؤكد عليه حسن التصرف، خرجت وأقفلت الباب خلفها وتوجه نيكولاس مباشرة نحو الابرة التقطها وامسكها وقال. "كدت تفضحين امري ايتها اللعينة."
وقبل ان يكمل كلامه عادت والدته وفتحت باب الغرفة وهي تقول. "ني.. ني.."
وتأتأت عندما رأت ابنها يمسك ابرة بين يديه، قالت باستفسار: "نيكولاس!؟".

أدم؛

وصل آدم الى المكان المتفق عليه مع الشخص الغريب، كان المكان عبارة عن مطعم راق جدا حيث في اعتقاد جيفان الذي كان يتبعه، ان بالتأكيد ليس بالمكان الذي قد يلتقي به أصدقاء مع بعضهم من عمر آدم.

اخذ جيفان طاولة تتيح له رؤية طاولة آدم بشكل جيد، ولكنه أيضا جعل ظهر آدم قبالته حتى لا يراه، وقام بأخذ بعض الصور الى الرجل المقابل له حتى يبحث لاحقا عن هويته، فالرجل يبدوا في الثلاثين من عمره ومن مظهره وهذا المكان الذي احضر اليه آدم يبدوا انه غني أيضا. إذا ماذا يريد من فتى في عمر آدم!!

كان آدم جالس وهو مبهور بالرجل المقابل له ويتمنى ان يكبر ليصبح مثله ذو نفوذ وقوة، وأيضا يساعد الناس كما يفعل هذا الرجل في عمله في المنظمة التي يريد لآدم ان ينظم اليها، وهذا كان فقط عرفان بجميل لخدمة قدمها له آدم سابقا.
حيث حينها كان هذا الرجل يعاني بسبب انه فقد محفظته التي تحتوي على جميع أوراقه الثبوتية، وذلك بعد ان سرقها منه أحد ما عندما كان في مكان مزدحم، وكان آدم قد رأى الفتى الذي سرقها وركض خلفه واعادها الى صاحبها.

ومنذ ذلك الوقت اعتبره توم صديقه وأخبره انه ردا لجميله سيضمه الى منظمة ستحقق جميع امنياته، عليه فقط ان يحضر أوراقه الثبوتية ويساعده ليوقع عقدا لفترة جيدة حتى يضمن مكانه داخلها، وأيضا ليقدم المساعدة الى البشرية.

حسنا، ها هو آدم هنا يقدم أوراقه الى الغريب الذي يدعى توم وسيوقع معه عقد، طال حديثهما وجيفان لا يزال يراقب الوضع، الى ان شاهد آدم يخرج هويته ويقدمها الى الرجل!!

كان آدم سعيدا جدا بم يفعله، لقد فعل كما طلب منه توم ولم يخبر أي أحد بهذا العمل، فهو عمل سري لا يجب ان يطلع عليه أي أحد. وقد قرر ان يخبر اصدقائه بعد ان يترسم كعضو في هذه المنظمة ويفاجئهم!

امسك العقد وفرئه، صحيح انه لم يفهم بعض من بنوده ولكن هذا لا يهم فهي منظمة خيرية ستجنده لأجل اعمار خيره.
وضع الورقة امامه وامسك قلم الحبر الذي ناوله إياه توم وهو مبتسم، تم وهو يهم بالتوقيع تنسحب الورقة من امامه فجأة!!!
رفع رأسه ليجد نفسه ينظر الى عيني جيفان الحزينة؟

جيف؛

جالس في غرفته يلعب بألعاب الفيديو عبر الانترنت، كان يأمل ان يجد أحد صديقيه على الانترنت ولكن كلاهما غير موجود، فكر جيف بسخرية ’لابد انهم منهمكون بسعادة مع عائلاتهم‘.

هو لم يفهم حتى لم صفعته والدته، كان فقط يحاول مساعدتها، لانه لا يفهم الى الان لم تسكت عليه، لم لا تبلغ عنه وثم تطلب الطلاق لترتاح من هذا العذاب، وان كانت تفعل ذلك من اجله فهو غير موافق عليه.
فجأة أحس بيد توضع على كتفه فيلتفت ليجد والدته، كانت تقف وفي يدها صينية بها كعكة التفاح التي اشتم رائحتها اول ما دخل الى المنزل، كانت مبتسمة رغم الوهن الذي يبدوا عليها. وقف مسرعا وامسك الصينية من والدته ثم قال: "لم اتعبت نفسك وخرجتي من سريرك!

مدت يديها وامسكت وجهه تلتمسه وقالت: "هل آلمتك؟"

كانت والدته حنونة جدا بشكل لا يصدق حتى انها عكس والده تماما!
قال متهكما: "ربما جميعنا تأثرنا به وبأسلوبه في النهاية"

قالت وهي تمسك وجهه: "انت من يهمني في هذه الحياة.

كان خلف الباب والد جيف يتنصت على الحديث الدائر داخل غرفة جيف، ونظرة غريبة في عينيه!

اهو الألم ام الرغبة في الانتقام؟

____

صفعة والدته على خده اثرت به كثيرا، فهو لا يفهم لم فعلت ذلك!؟

حسنا، ها هي تقف امامه بصينية كعكة التفاح، وبعد ان تحدثا قليلا دخل والده الى الغرفة وقال مباشرة: "لم لا نذهب في رحلة باليخت؟ وان اردتي يا كلوديا نستطيع الذهاب لأحدى الجزر للاستجمام والتسوق."

ابتسم جيف ابتسامة جانبية وهو يعلم ما يفعله والده الآن، يظن انه يستطيع شراء الحب والاحترام بالمال، ربما والدته كلوديا تفعل ولكن هو ابدا لن يفعل مثلها!

قال جيف: "اذهبا انتما فأما انا فلدي موعد مع آدم في الغد."

استشعر ان كلماته هذه استفزت والده، الذي قال بجفاء: "كما تشاء!"

لاحظ جيف ان والده لم يتصرف بطريقة عنيفة ومتصلبة كما يفعل دائما.

ثم فجأة وبدون اي انذار قال جيف: "انا لن اذهب الى المدرسة الداخلية بعد الآن."

نظر له والداه بتفاجئ فقالت والدته: "ما الامر؟ هل حدث معك شيء ما هناك يا بني!؟

نظر ناحية والده وقال: "وما الذي سيحدث اكثر من هذا؟"
ورفع كم قميص والدته ليكشف على كدمات زرقاء وبنفسجية وخضراء!

صدم جيف لم يتخيل الامر هكذا فإشتعل الغضب في عينيه وقال لوالده: "انك وحش."

فرد عليه والده ببرود: "وانت ابن ذلك الوحش، فما انت الآن الا وحش صغير مدلل سيكبر ليصبح وحش ربما اقسى مني حيث ان الجينات تتطور لا تنخفض!"

قال جيف بعصبية مخلوطة بحزن: "اتمنى لو لم تكن ابي، اتمنى انني لست من صلبك"

كانت كلوديا ترتجف في مكانها، لا تعلم كيف تتصرف، تحاول اسكات ابنها ولكن بدون فائدة.
وفجأة فعل توماس والد جيف امرا جعل جيف يشعر بالخوف، حيث امسك جيف من ياقته بقوة ودفعه على الحائط الصقه عليه وقال بغضب: "ايها الغبي، اعد ما قلته".

ثم صفعه بقوة مما جعل رأس جيف يدور، ولكن للأسف لم يكتف توماس بذلك بل رمى ابنه على الارض وركله بشدة. جاءت والدته مسرعة تحاول دفع زوجها عن ابنها، فقام زوجها كردة فعل غاضبة بدفعها بقوة امسكت يديه فسقطت ارضا وجاء رأسها على حافة الاريكة مما تسبب لها في رضة وجرح بسيط.

التمعت عينى جيف من الغضب واتجه كالوحش الذي انفك لجامه مسرعا هائجا نحو جلاده.

وبحركة غير متوقعة لكم جيف والده على وجهه.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي