28

الجزء الثامن والعشرون؛

من بعد الصبر يأتي الفرج.
فلا يدوم في الدنيا حزن، غير ان الانسان يستعجل دائما الخير والسعادة.

وصلت الى المطعم باكراً، مما اثار استغراب زملائها في العمل، فقد اعتقدوا انها ستصل متأخرة قليلاً،   ليلاً ربما!

ولكن من ملامح وجهها لم يشأ اي احد منهم سؤالها عن اي شيء.
تبدا كالمرأة التي فقدت توا جنينها.
الحزن يلفها واليأس يلفحها.

حتى ان يشوان اخبرها انها تستطيع الذهاب لشقتها والنوم وهو سيقوم بتغطية مكانها داخل المطعم لبقية اليوم.
ولكنها رفضت، اخبرته انها ستذهب لتوصل آدم للشقة وتطمئن عليه ثم تصلي صلاتها وتأتي فوراً.
لم يشأ ان يناقشها يشوان مطولاً، اراد تركها على راحتها.
وهي لا تريد البقاء بدون عمل ولو لساعة لان هذا سيجعلها تفكر وتبكي.

ولكن ما ان بدأت في العمل، لم يكن الامر جيداً ابداً.
فقد كسرت عدة اطباق، واخطأت في عدد من طلبيات الزبائن.

لاحظ السيد زوهان ذلك فأرسل لها ان تحضر الى مكتبه.
جائت وتتمنى ان تستطيع تحمل ما سيخبرها به، ربما سيطالبها بغرامة!
ما ان دخلت حتى قال لها: اقفلي الباب خلفكِ واجلسي يا سارة.
فعلت كما اخبرها وجلست.
السيد زوهان: ما الامر سارة ماذا حدث؟
سارة: اعتذر لم اقصد سأسددهم من راتبي.
قال السيد زوهان بهدوء: سارة! انظري اليّ، انا لا اقصد تلك الصحون. ماذا حدث معكِ اليوم، هل هو كريستيان؟
اومأت بإيجاب.
كان قلبها يحرقها وتشعر بكبت في مشاعرها بسبب انها لم تستطع ان تبكي.
نظر لها مطولا ثم قال: انكِ تذكرينني بهما.
نظرت اليه بصمت.
السيد زوهان: ابنتي وزوجتي، كنت مسافراً في ذلك اليوم من اجل العمل، وتهجم عليهما ثلاثة من المجرمين.
انها القصة التي لا احد يعرفها سارة، لم اطلع عليها احد بإستثناء رجال الشرطة!

نظر للبعيد وكأنه يرى كل شيء امامه: لم تستطيعا الدفاع عن نفسيهما، فقام المتوحشين بالاعتداء عليهما بالضرب ثم اغتصابهما، وتركوهما في دمائهم يسبحون حتى عدت انا إلى المنزل ووجدتهما قد فارقتا الحياة!
كان يبكي، السيد زوهان يبكي!
اكمل قائلا وهو لا يكثرت لدموعه وكأنه سعيد لتحررها، وكأنها كانت تحرقه منذ تلك الحادثة: اقسمت غي ذلك اليوم على قتلهم بيدي فتعلمت فنون القتال كلها، قرأت العديد من الاخبار كيف تعذب شخص ما.
ولكن مجرد ان اوقعت بهم بين يدي لم استطع فعلها يا سارة لم انتقم لزوجتي وابنتي! كنت جباناً فأنا لم اقتل نملة في حياتي، قمت بتسليمهم للشرطة في النهاية..
ضميري يعذبني انني لم انتقم لهما، لقد ماتتا بوحشية.
سارة والدموع تحرق مقلتيها: سيد زوهان، على العكس انا متأكدة ان زوجتك وابنتك فخورتان بك، هما شهيدتان بإذن الله. فأنت رجل عظيم حقا، ولست مجرم.
السيد زوهان: قررت تعليم الكونغ فو بشكل مجاني لكل من يرغب صدقةً على روحيهما، ليستطيع كل شخص الدفاع عن نفسه امام المجرمين.
ولكن معكِ انتِ كان الوضع مختلف، كنت أراهما فيكِ في هدوئك وضعفك، خصوصاً الظروف التي مررتِ بها، شعرت ان من واجبي مساعدتك لأعوض عن تقصيري في حماية عائلتي.
اعلم ان السبب اناني من جانبي، ولكن صدقاً احببتكِ كإبنتي.
سارة: ان هذا شرف لي حقا، وانا اشكر الله انه وضع شخصاً مثلك في طريقي، فأنت آويتني وحميتني من حياة الشوارع، فلولاك لكنت ضعت!
ثم ان كنت قد قتلتهم لكنت في السجن الآن، ولكن انت اتقوم برسالة اسمى واعتقد ان الله يحبك انه نجاك من طريق الاجرام.
مسحت دموعها وقام هو بالمثل
ثم قال: حديثكِ هذا يشعرني بحالٍ افضل.
انا اعتذر عن تدخلي في حياتك الخاصة، حيث تحدثت مع كريستيان حولك، واخبرته ان يبتعد عنكِ.

فكرت ان هذا الذي حاولت معرفته من كريستيان كذا مرة ولكنه ابى ان يخبرها!
اكمل قائلا: انا فقط اردت حمايتك، خفت ان يضلك عن دينك.
سارة: شكراً لك حقا سيد زوهان.
السيد الزوهان: هل يمكن ان تناديني بعمي بدل السيد زوهان تلك.
تفاجأت اولاً ثم ابتسمت وقالت: حسنا عمي زوهان.
السيد زوهان غمزها وقال: اذهبي الآن واكملي عملك، انا متأكد ان يشوان قلق يدور حول المكتب.
ضحكت ثم ذهبت وصلت الى الباب فقال لها: سأساعدك مهما تطلب الامر سارة، حتى ولو اضررت للوقوف في وجه كريستيان ونفوذه.

احست بالسعادة بالرغم من كل ما حدث، فالسيد زوهان صنع يومها حقا.

***********

وتمر الايام ونعتقد انها متشابهة، ولكن ولا واحد فيها يشبه الآخر.

وان دقت السعادة بابك، لا تنتظر ولا تسأل فقط اسرع وافتح لها لتتربع وسط حياتك.

جالس في سيارة الاجرة وسعادة الدنيا كلها في قلبه، واخيراً سيذهب إلى امريكا ويبدأ بحثه عنهما، ولكن تنتابه بعض المخاوف فلربما حدث مكروه لأحدهما او كلاهما، ولكن ما يلبث ان تخطر له هذه الافكار فيبعدها، يريد ان يكون متفائل.

وصل الى المطار وأتم الاجراءات اللازمة ثم صعد على متن الطائرة ولا يزال يعرج.
كان قد جهز كل شيء حتى الفندق الذي سينزل فيه.

وبعد رحلة دامت لعدة ساعات تم الاعلان عن وصول الرحلة بسلام الى مطار جون إف كينيدي.

نزل من الطائرة وسعادته تحولت إلى خوف، هل سيجد ما يسره ام ان الله سيختبره فيهما.

بدأ يردد دعائه في قلبه ليلم الله شملهم على خير.

اكمل اجراءاته المرهقة وخرج خارج المطار ليوقف سيارة اجرة، ان ركبته تؤلمه بشدة لا يكاد يمشي عليها.

استقلّ السيارة واتجه الى الفندق، دخل الى غرفته واخذ حبتين مسكن ومن شدة الالم لم يستطع حتى النوم.
اخذ حبة منوم وسقط في نوم عميق، استيقظ ووجد نفسه في منتصف الليل، عليه التعود على فارق التوقيت بسرعة.

بدأ يبحث عن مكان مكتب الاقامات والهجرة والعمل، حدد اماكنها حتى يذهب اليها في الصباح.

امامه شهر فقط وعليه ان لا يضيع اي دقيقة فيه.

حاول العودة إلى النوم فنام عدة سويعات الى ان جاء الصبح.

احس بأنه افضل ولم تعد ركبته تؤلمه كثيراً، ارتدى ثيابه ونزل الى مطعم الفندق ليفطر فهو جائع جداً.

أكل كما لم يأكل منذ مدة، ثم طلب سيارة اجرة واتجه الى مكتب التأشيرات والهجرة، قدم طلبه بالحصول على عنوان سارة ولكن للأسف قوبل طلبه بالرفض حتى يثبت قرابته لها.
فهو خالها ولقبه وهويته تختلف عنها.
اخبروه ان يذهب الى سفارة بلاده ليحضر إيفادة مختومة تفيد بأنه قريبها.
يإلهي ما هذه التعقيدات، هو لا يستطيع الذهاب للسفارة ربما هو مطلوب لديهم، سيذهب ويوكل امره لله.
اتجه للسفارة ووجد موظفة الاستقبال، واخبرها عن طلبه فذهبت الى موظف المعلومات، وجيد انهم لا يعرفونه، فقد ابدى تجاوباً معه وطلب منه رقمه الوطني ورقم اخته وارقام ابناء اخته، وبعد فترة من الزمن جهز له الافادة واخبره انها تحتاج الى توقيع وختم السفير وعليه الانتظار حتى ينتهي اجتماع السفير.

بعد مدة ليست بالقصيرة اخبروه ان السفير انهى اجتماعه وعليه الاسراع لانهم في نهاية الدوام.

دخل الى السفير الذي بدوره اصبح يتأمل ميكائيل منذ ان دخل الى مكتبه.
بدأ ميكائيل يخبر السفير بموضوع الورقة، ولكنه تجنب الخوض في التفاصيل.
السفير: اشعر انني رأيتك قبلاً.
رفع ميكائيل حاجبيه ليوهم السفير انه لا يعلم.
اخذ السفير الورقة وبدأ يقرأ حتى وصل إلى اسم ميكائيل، فنظر له بصدمة.
السفير: انت؟
اخذ ينظر الى الاسم والى ميكائيل ثم قال: كنت اعتقد انه تمت تصفيتك!
ميكائيل: ها انا ذا!
السفير: لا بد ان الامر شديد الاهمية لك لتخاطر وتأتي للسفارة.
ميكائيل: اجل هو كذلك، اذن هل ستختم الورقة ام ستبلغ عني؟
قال وكأنه لا يكثرت.
السفير: هل فقدت مرونتك في المفاوضات؟
ميكائيل: انا هنا بصفتي موطن عادي.
السفير: لن ابلغ عنك وسأوقع لك الورقة، فهل تظن انهم لا يعلمون ان عملية اغتيالك لم تنجح؟ هم بالتأكيد يعلمون، ولكنهم فقط يريدون ان يظن الناس انها نجحت.
وقع السفير الورقة وختمها وسلمها الى ميكائيل.
ميكائيل: شكرا حضرة السفير.
السفير: عفوا حضرة العقيد.
ضرب السفير تحية الجيش واعادها ميكائيل.

في اليوم التالي عاد إلى مكتب شؤون التأشيرات والهجرة، وقام بتسليم الورقة للموظف المختص، وبعد برهة اخذ المعلومات الكاملة عنها.

فهي منذ عدة اشهر اخذت ورقة اقامة لتعمل في مطعم صيني في بلدة نابولي، وتقيم هناك ايضاً.
وكان يوجد رقم مدير المطعم ورقم المطعم للطلبات.

عاد إلى الفندق واتصل بمدير المطعم، والذي لم يكن متساهلاً معه وكان كثير الاسئلة، ولكنه في الاخير حدد معه موعد غدا ليأتي الى المطعم.

حمد الله كثيراً انهما على قيد الحياة، وليس بهما اي ضرر او مكروه، كل هذا الفضل يعود لله.

لم يطق صبراً حتى جاء الصباح واستقل سيارة الاجرة متجها الى محطة القطار، بعد عدة ساعات وصل امام المطعم وهو جالس في سيارة الاجرة.

قرر انه سيتقبلها مهما اصبحت عليه حتى ان وجدها خرجت عن دينها سيحاول اصلاحها، لا لن يتخلى عنها ابدا، مهما كان الذي سيجده منها.
قلبه لا يهدأ، لا يستطيع وصف شعوره.
طلب من السيد زوهان ان لا يخبر سارة بقدومه، كان صعب التعامل والتفاهم مع السيد زوهان لان ميكائيل ليس جيد جداً في اللغة الإنجليزية.

وقف امام باب المطعم فرآها، انها هنا امامه بشحمها ولحمها، تطوف بين الطاولات.
ترتدي قميص واسع يصل الى ركبتها تقريبا وشعرها ذيل حصان.

وقف كالمسبوه يخاف ان يقترب فيجده حلم او سراب، انه اجمل من ان يكون حقيقة!

***********
سارة؛

لم يتصل بها كريستيان ولم يعرف احد مكانه منذ ذلك اليوم المشؤوم.

انها شديدة القلق عليه، هل هو جيد هل حصل له شيء ما!؟
تعمل بجهد منذ الصباح وعقلها مشغول.

تصرفات السيد زوهان غريبة اليوم حتى انه بدأ يوترها، لم يرمقها بتلك النظرات ويتبعها اين ما ذهبت، ها هي تأخذ الطلبات من الزبائن وهو يقف اما باب المطبخ يراقبها.
هل يخشى ان تخبر احد عن ابنته وزوجته!؟
رفعت بصرها لتنظر له فأشار لها برأسه وهو يبتسم بسعادة ناحية باب المطعم.
ما خطبه اليوم، ثم نظرت ناحية الباب.

توقف الزمن والحركة والانفاس، رمشت عدة مرات، هل يخيل لها؟ هل هذا شبح؟ لا بد انها تهذي.
قلبها يتصارع وعيونها امتلئت بالدموع.
نظرت مرة اخرى ناحية السيد زوهان فرأته يمسح دمعة من عينه.
انه حقيقة انه هنا، خالها هنا، ميكائيل هنا.
سقطت الصينية التي من يدها على الارض فقال: الم تشتاقي لخالك يا سارة.
ركضت باتجاهه وحضنته بقوة، فصرخ من الم ركبته.
ابتعدت قليلا وقالت: ماذا، هل انت بخير؟ هل انت مصاب.
حرك رأسه نافياً والدموع تنزل انهاراً من عينيه. انها اول مرة في حياتها تراه يبكي بكى كما الاطفال.

رائحة الوطن فيه، ورائحة والدتها، ورائحة والدها.
واخيراً يارب حضن آمن.
بقت متشبتة فيه تخاف ان تتركه وهي تبكي وهو يبادلها الحضن والبكاء.
شعر وكأن اخته عادت من الموت الى الحياة.
ظل فترة من الزمن على هذه الحال وجميع من في المطعم متأثر بالمشهد.

جاء السيد زوهان وقادهم الى مكتبه، جلس وكانت ركبته تؤلمه بشكل فضيع.
سارة: خالي ميكائيل ما بها ركبتك.
قرصها على انفها وقال: لن تستطيعي التحمل لذا لن اخبركِ.
سارة: ارجوك، ان اليوم اسعد يوم في حياتي.
ميكائيل: وانا ايضاً.
بدأت تبكي مجددا وقالت: لم اتوقع رؤيتك مجدداً، لقد اعتقدت انك، انك....
ميكائيل: حاولوا تصفيتي ولكنني نجوت بفضل الله، واصابة ركبتي بسبب الاغتيال.
وضعت يديها على فمها وقالت: يا الهي.
ثم حضنته وهي تبكي مجددا
دخل آدم مسرعاً وهو عائد من المدرسة، وقد اخبره يشوان ان لديهم زائر واخته سارة مع الزائر في مكتب السيد زوهان.
توقع انه كريستيان، وما ان دخل وجد سارة تحتضن الرجل فقال: سارة؟ ما هذا؟
التفتت سارة للخلف فرأى خاله ميكائيل امامه يبتسم له.
احمر وجهه وامتلئت عيونه بالدموع وخرج راكضا وهو يبكي.
تبادلت سارة وميكائيل النظر.
سارة: يبدو انه تفاجأ.
خرجا مسرعين خلفه، اخبرهم يشوان انه يختبئ في مخزن التموين.
وقفا امام الباب وطرقت سارة الباب وهي تقول: آدم، الم تشتاق إلى خالنا ميكائيل.
لم يجب.
سارة: هيا آدم ان ميكائيل مصاب ولا يستطيع الوقوف كثيرا.
لم يجب.
ميكائيل: ألست سعيدا بحضوري آدم.
آدم: لم غبت عنا؟ كنت اشعر بالخوف كل يوم، واختي سارة، سارة تشردت في الطرقات وعاشت مشردة.
نظر ميكائيل بصدمة ثم بألم ناحية سارة.
آدم: انا كنت صغير لم اصبح رجلا بعد لأحميها، ولكنني وعدتها ان اكبر واشتري لها منزلا، واعطيها الكثير من المال، ونذهب الى الوطن ايضاً.
ميكائيل: انا هنا الآن آدم وسأفعل كل شيء لكما.
آدم: انت تكذب كلكم تكذبون لقد تخليتم عنا.
سارة نهرته: آدم؟ لا يجب ان تحدث خالك هكذا.
امسك ميكائيل كتفها بضغطة خفيفة بمعنى اتركيه.
ثم قال: انا آسف آدم.
لم يجب.
فقال ميكائيل مجدداً: لدي آثار اربع رصاصات في جسدي ان خرجت الآن سأوريك اياها.
فتح الباب فحمله ميكائيل على كتفه وضحك آدم.
ميكائيل: هل لديكم حديقة هنا؟
توجهوا الى الساحة الخلفية وبدأ ميكائيل يركض وهو يعرج وآدم فوق كتبه يضحك من اعماقه.
سارة: خالي ركبتك ستؤلمك.
ميكائيل: ستكون كل ايامنا سعيدة ان شاء الله اعدكما بذلك.
ثم توقف وانزل آدم، وطلب من سارة ان تأخذه الى شقتهم ليرتاح فركبته تؤلمه بشدة.
ذهبوا بعد ان اخذت باقي اليوم اجازة.

**********
ميليسا؛

تشعر بالقلق على كريستيان، وبالذنب ايضا فكيف فعلت ذلك بأخيها لا تعلم، كان يجب ان تشعر به لا ان تتسبب في جرحه.

هل هو غاضب منها، انه حتى لم يتحدث معها ابدا، اتصل فقط بوالده ليخبره انه مسافر ولا يقلقوا عليه.

لقد اتصلت بها سارة منذ قليل وكانت سعيدة، اخبرتها ان خالها قد جاء اليهم.

سعدت كثيرا من اجلها، وتمنت لها السعادة الدائمة.

سألتها سارة ان كانت هناك اي اخبار عن كريستيان ولكن للاسف لا يوجد.
كانت نبرة القلق في صوت سارة محسوسة.

اصبحت تقوم ببعض المعاملات في غياب كريستيان، لا تعلم كيف كان يعمل ويعيش ان ضغط العمل لا يطاق.
كان بول مساعد ممتاز حقا، يساعدها في كثير من الامور.
بدأت تفهم العمل جيدا بمساعدته هو.
كل ما تحاول الالتهاء بالعمل تأتي صورة كريستيان امام عينيها، انها لم تره ابدا على تلك الحالة منهار ومشتت.
دائما ما كان واثقا قويا لا يهزه شي، ومن الصعب جدا ان تعرف ما الذي يجول في فكره.

ولكن ذلك اليوم احسته مجروح وبعمق، ويتألم.
هل هذا كله من اجل سارة!؟
انها تحسدها على حب كريستيان لها.
ولكن حب ميئوس منه.
تتمنى مساعدتهما ولكن ماذا عساها ان تفعل.
ف آخر مرة حاولت فيها المساعدة انتهت بكارثة، ولا تود تكرار ذلك.

**********

احيانا العزلة عن البشر هي كل مانحتاجه لنتعافى، لتلتئم جروحنا.
في العزلة والوحدة علاج!

نحتاج لنبتعد حتى نرى الامور على حقيقتها.
ان نستعيد ذواتنا من ازدحام الحياة.
ان نصقل روحنا.
ان نمحص انفسنا.

نبكي في وحدتنا، نبكي ونخرج كل ما علق في روحنا من الم، فالبكاء يغسل الروح كما يغسل العيون.
ان تجلس وحيداً تطالع النجوم لا شيء حولك سوى كتاب، لا تلفاز ولا هاتف ولا انترنت ولا حاسوب.
فقط انت ونفسك وربما كتاب من اجل الانس!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي