29

الفصل التاسع والعشرون؛

جالس في الظلمة وحيداً، يبكي بكاءً عميقاً.
لحظات الضعف تلك التي بيننا وبين الله هي اقرب اللحظات لنا من الله.

البكاء كان وسيلته للتنفيس عن غضب الروح وشتاتها، يبكي كالاطفال، دموع حارة وشهقات متتالية، من يراه الآن لن يخطر بباله انه كريستيان المعجرف صاحب اشهر الشركات.

الآن مضى عليه وحيداً لشهر كامل، مختفي عن كل الانظار.
مضى اول ثلاثة ايام له شبه ثمل، ولكن ادرك ان ليس هذا ما عزل نفسه عن العالم بسببه.
وما ان انقطع عن شرب الخمور الا كميات بسيطة، اصبح يقرأ الكتب التي معه اكمل الكتاب الاول في غضون اربعة ايام، ولكنه عندما بدأ في قراءة المصحف الشريف امعن النظر فيه بكل جوارحه، يحاول فهمه كلمة كلمة، لم يعد الامر بالنسبة له مرتبط بسارة لا، اصبحت روحه تفتش بين دفتي هذا الكتاب وكأنها تبحث عن شيء، وكأن اكسير الخلود داخله.

كان ان استصعب امراً، يلجأ للبحث عن تفسيرة عبر الانترنت، كان يستخدم فقط قوقل ويوتيوب، وحظر كل مواقع التواصل الاجتماعى.

وجد هذا الكتاب يحمل بين دفتيه امراً جللاً، اصبح يثق في ان كل حرف منه هو من عند الرب.
يحاول تفسير كل ما استصعب عليه فهمه.

وجده شاملاً لكل امور الحياة، من بداية الخلق حتى ابسط تفاصيل الحياة اليومية.
اشتعل قلبه حباً وشوقاً، احس بالتميز فها هو من بين الكثيرين الغافلين كما كان هو، يحظى الآن بمعرفة الحقيقة واتباع الهدى.

ان هذا القرآن يحث على الايمان بجميع الانبياء، والكتب.

اليوم اكمل قراءة القرآن كاملاً، لم يشعر بنفسه الا وهو يبكي كالطفل، يتحسس وجود الله في كل شيء، بكى بكاء طفل خرج توا من رحم امه وابصر النور.
ثم فجأة قرر ان يجرب الصلاة، كان قد حاول حفظ سورة الفاتحة باللغة العربية من خلال اليوتيوب.

اتجه الى دورة المياه وتوضأ للصلاة، كان يحاكي ما يراه في فيديو على اليوتيوب ويتوضأ.

بعد ان فرغ من الوضوء قام بتحديد اتجاه القبلة مستخدما تطبيق البوصلة لتحديد الاتجاهات.

وقف مكانه لا يفعل شيء، محتار هل يبدأ ام لا، بعد عدة دقائق من السكون في مكانه قرر البدء وهزم مخاوفه.

بدأ بتكبيرة الاحرام ثم بدأ يحاول قراءة سورة الفاتحة، كان يقرأ مثل الاطفال، هو متأكد انه ان سمعه اي شخص يتحدث اللغة العربية لن يفهم ما يقوله، وماعدا ذلك فقد استمر، حتى وصل للركوع، استكبرها على نفسه ولم تطعه ركبتاه، ولكنه ركع.

ثم استقام وجلس ليسجد، لم يستطع، لم يستطع السجود، هو كريستيان صاحب اكبر الشركات العالمية والجميع يتمنى رضاه يسجد!
انه لم يسجد في حياته ابدا ولو مرة واحدة، كان دائما يمشي ورأسه مرفوع متفاخر ولم ينحني لأي احد.
صعبت عليه كثيرا، لا يستطيع.
كل هذا وهو جالس، وجسده لم يطعه وعقله يستهزئ به، ولكن روحه كانت ترتعش تتوق للشعور بلذة السجود.
بدأ قلبه يزيد من ضرباته وكأنه يشن هجوماً عليه ويجبره على السجود.
ففعل أخيراً، خرّا ساجداً وانهار يبكي، لا يعلم لم يبكي ولكنه يفعل.
احس وكأن يداً تربت على كتفه، وتحنوا عليه وتطمئنه.

اكمل صلاته وكانت هذه اول صلاة في حياته كلها ولن ينساها طوال حياته.
صلاته وهو لا يزال مسيحي!

***********

ميكائيل: سارة هذه الشقة لا تكفينا، هذه الايام الاربعة التي قضيتها معكم فيها احسست وكأنني عدت إلى السجن الانفرادي.
سارة: هكذا اذن!
ميكائيل: ماذا؟ انها الحقيقة، او ربما حتى السجن الانفرادي اكبر منها.
رمته بالوسادة.
سارة: هذه الشقة جمعت شملنا انا وآدم وهي بمثابة القصر لنا.
ميكائيل: كنت امزح معك انا فخور بكِ انكِ استطعتِ تأمين مسكن يأويكِ انتِ واخاكِ واحمد الله على ذلك.
وقف امامها وقال: انتِ بطلة يا سارة، لم تختاري اي طريق سيء، على العكس، انا فخور بكِ حقا.
تذكرت عملها في البار وتلك الثياب التي كانت تلبسها ولكنها لم تتحدث، هي تدعوا الله وتستغفره دائماً بأن يغفر لها.
ميكائيل: حسنا سارة، سنذهب اليوم للتقديم على تأشيرة لكِ ولآدم لنذهب الى تركيا، اعتقد انه انسب مكان لنعيش فيه، فأنا تأشيرتي هنا شهر فقط.

صدمت كيف ستبتعد عن ميليسا ولن ترى كريستيان مجددا ابدا.
سارة: الا نستطيع فقط البقاء وتحاول انت تمديد اقامتك؟
ميكائيل: اعلم انكِ كونتِ صداقات هنا ولكن لا تسير الامور هكذا عزيزتي، نحن لن نعود الى الوطن ابداً، على الاقل انا، فربما تتزوجين احد ما من الوطن وتستقرين هناك فقد هدأت الحرب.
ولكن في تركيا سنستطيع تدبر امر الاقامة ونستقر نهائيا فيها.
سارة بحزن: كما تشاء فأنا سأفعل الافضل من اجل آدم، على الاقل تركيا بلد اسلامي، فهنا ستصعب علينا تربيته، مهما يكن فهو يحتاج لوالديه، وبغيابهما تركيا افضل خيار.
ميكائيل: اعدكِ انني سأقوم بالافضل من اجلكما.

ذهبت للمطعم واخذت اذن من السيد زوهان، ثم خرجوا الثلاثة للتقديم على تأشيرة والاستمتاع لبعض اماكن بلدة نابولي السياحية.
كانت سارة سعيدة كثيراً بعودة خالها لهم بخير، ولكن ينغص سعادتها شوقها لكريستيان.
واما ميكائيل فكان يحاول تجنب التفكير في ملاك ولكنها تحتل المركز الاول في تفكيره كلما سرح بخياله قليلاً.

مرت الايام وجاء اليوم الذي يسبق يوم السفر، بعد ان سحب ميكائيل اوراق آدم الدراسية، قامت سارة بتوديع جميع من في المطعم وهي تبكي، خصوصاً عندما ودعت السيد زوهان، واخبرها ان لا تنقطع عنه بالمكالمات والرسائل، وان مطعمه مفتوح لها متى تشاء، وان عليها ان تستمر في دروس الكونغ فو.
ميكائيل: كونغ فو ها! هذا مثير للاهتمام.
قال لها يشوان ممازحاً وعيونه مليئة بالدموع برع في اخفائها: الا تشبعين من البكاء، سأسميكِ بكاء بدلا من سارة.
ضحك الجميع ثم خرجوا ثلاثتهم متجهين الى نيويورك.
مرت على يو يان ودعتها وشكرتها كثيرا ووعدتها ان تبقى على تواصل معها.

ثم اتجهت إلى منزل آل جراي، منذ ان وصلت إليه واللون خطف من وجهها وقلبها تسارع في دقاته.

كانت ميليسا اخبرتها انها ستبقى فالمنزل لتودعها، وما ان دخلت حتى ركضت ميليسا بإتجاهها تحضنها وهي تبكي، ظلتا على هذه الوضعية فترة ثم قامت سارة بتعريف كل من ميكائيل وميليسا لبعضهما.

جلسوا قليلا يبادلون الحديث والذكريات، الى ان دخلت سوزي، كانت تبدوا حزينة وملامح البؤس تظهر على وجهها، حتى انها بدت في مثل سنها حقاً، كانت متأثرة على غياب كريستيان ومشغولة عليه.

فهذا هو قلب الام، نقوم نحن بالاخطاء وهي التي تحزن بدلاً عنا.

ما ان دخلت حتى فتحت ذراعيها لسارة وقالت: تعالي يابنتي.
نهضت سارة وحضنتها وبدأت الاثنان بالبكاء شوقا وخوفاً على كريستيان.
ثم قالت سوزي: انا اعتذر عما بدر مني في ذلك اليوم، انها اول مرة ارى ابني كريستيان في تلك الحالة، وقد خفت عليه كثيراً.

لم تردها سارة التحدث عن ذلك امام ميكائيل فقالت: اعرفكِ بخالي ميكائيل.
كان ميكائيل ينظر إلى كل شيء بصمت فقد لاحظ توتر ابنة اخته من اول ما خطو داخل هذا المنزل.

ما الذي حدث هنا، ومن هو كريستيان! وما علاقته بسارة!
صحيح ان لغته الانجليزية ليست جيدة ولكنه يفهم ما يقال.

اصرّت ميليسا على ايصالهم الى المطار بنفسها، وفي الطريق قالت سارة لميكائيل: ميكائيل لدي صديق يجب ان اودعه قبل ان ارحل.

كانت ميليسا تقود السيارة وميكائيل جالس في الكرسي الامامي وسارة وآدم في الخلف.

ميكائيل: اخشى ان نتأخر يا سارة.
ميليسا: لابد انه جيڨان من تريد سارة زيارته انه ليس ببعيد عن طريقنا.

وصلوا إلى منزل جيڨان واستقبلهم بإبتسامة كبيرة.

صُدم ميكائيل من هيئته وكأن قطار قد داس عليه،
وجهه كله علامات زرقاء وانفه ملفوف في شاش ويده معلقة في رقبته.

سارة: انا اعتذر جيڨان على ما حصل لك بسببي.
جيڨان: لا عليكِ، ما كان يجب ان اوافق على خطتكما ذلك اليوم فأنا اعرف كريستيان جيداً، ولم ابلغ عنه فقط من اجلك.
ميكائيل في سره "ماهو ذلك اليوم، وما حدث فيه، ومن هو كريستيان!".

خرجوا من منزل جيڨان وسارة حزينة كثيرا، لم كريستيان اختفى منذ ذلك اليوم، هل يأتي يوم ويسامحها فيه ويفهم موقفها.
انها حقاً تتمنى له السعادة.

اتجهوا مباشرة إلى مسجد منهاتن حيث صلوا صلاتهم، وشكرت سارة حارس المسجد الذي سعد جدا برؤيتها آمنه مع عائلتها.

قدم ميكائيل مبلغاً ماليا الى الحارس ليتم وضعه في صندوق الزكاة الخاص بالمسجد، كلفتة شكر وعرفان لهذا المكان الذي آوى سارة في اشد لحظات ضعفها في الحياة.

سارة: لولاك لكنت ضعت في هذه الدنيا، فأنت سبب في بدء حياتي من جديد بعد الله، لن انساك ما حييت.
الحارس: لم اكن سوى خادم لمشيئة الله يابُنيّتي، اتمنى لكِ كل التوفيق.

كانت اصعب اللحظات في الوداع تلك عندما تركت ميليسا واتجهت إلى البوابة، بعد ان همست في اذنها: اوصلي سلامي لكريستيان.

**********

انه اول يوم منذ ان جاء الى الشقة يخرج منها، يشعر انه انسان جديد، بنظرة مختلفة تماما عن ذي قبل.

كانت لحيته نامية لم يحلقها منذ ثلاث اسابيع، يرتدي ملابس سوداء ونظارات شمسية.

ركب سيارته واتجه إلى مكان الداعية يوسف إستس، فقد شاهد في اخبار على قوقل عنه، انه يقيم في نيويورك لمدة ثلاث ايام.

لديه العديد من الاسئلة تحتاج للإجابة وعليه ان يلتقيه.

وصل إلى المكان ووجده يلقي خطبة.
جلس بين الحضور يستمع إلى الخطبة، والتي وجدها قد افادته كثيراً، ولكن لا يزال لديه بعض الاشياء الغامضة والتي تحتاج الى اجابات وتفسيرات.

بعد ان انتهى الداعية من خطبته، بدأ الحضور بإلقاء أسئلتهم، منهم من هم مسلمون ومنهم المسيح ومنهم من لا دين له، وكان يجيب كل فرد منهم على حدى.

كانت اجاباته شاملة ومقنعة وبحجة قوية، الى جانب اسلوبه المحبب في المخاطبة.

لم يتحدث نهائيا، كان فقط يستمع، ويبدوا ان الداعية قد لاحظه بالرغم من انه يجلس في زاوية بعيدة قليلا.

وان كان قد لاحظه فهو لم يتحدث اليه، فقط كان ينظر له مرة بعد مرة.

بعد ان انتهت هذا الجلسة وهم الجميع في الخروج، توجه كريستيان مسرعاً الى حيث يقف الداعية، وطلب منه ان يتحدث اليه على انفراد.

ولكن احد الرجال الذين معه قال: السيد إستس مشغول الآن لديه محاضرة اخرى تستطيع تحديد موعد معه ان شئت.

كريستيان: حسنا.
وهم بالخروج ولكن الداعية استوقفه قائلا: انتظر يابني، هل انت مسلم؟
كريستيان: لا.
الداعية يوسف إستس: اذا؟ هل انت مهتم بالاسلام ولدك بعض الشكوك والاسئلة.
كريستيان: نعم.
جلس الداعية وطلب من كريستيان الجلوس، بعد ان طلب من مساعده الانتظار واخبره ان هذا اهم من المحاضرة.

بدأ كريستيان مناظرة شرسة مع الداعية، لم يترك ثغرة ولا سؤال، استفسر عن كل شيء، عن الكون وعن الخلق وعن الآخرة وعن السيرة النبوية وعن كل الاحاديث وعن بعض الاكاذيب.
كانت مناظرة قوية اخرج فيها كريستيان كل مخاوفه.

واخيراً حين رأى الداعية الاقتناع والراحة على وجه كريستيان سأله ان كان يريد ا ينطق بالشهادة، خصوصاً وان كريستيان اخبره انه قام بتجريب الصلاة بالفعل.

ولكن كريستيان رفض نطق الشهادة، وقال انه يشعر انه غير جاهز لتلك الخطوة بعد، ولديه بعض التحفظات.
لم يشأ الداعية الضغط عليه وتركه يفعل ما يشاء، فما دام قد وجد النور فسيرشده للطريق الصحيح.
ولكن سأله: هل لي ان اعرف اسمك؟
كريستيان: كريستيان جراي.

ابتسم الداعية وقال: كريستيان جراي رجل الاعمال المشهور صاحب الشركات العالمية؟

ابتسم كريستيان بحزن وقال: نعم.
الداعية يوسف استيس: اتمنى ان أراك في المناسبات الدينية قريبا، وايضاً ستكون قدوة للعديد من الشباب المترددين.
سكت قليلا ثم اضاف: انصحك بزيارة السعودية، ربما تجد هناك ما يثلج نار قلبك ويشرح لك صدرك.

بعد ان خرج من عند الداعية توجه إلى منزل والديه مباشرة لقد اشتاق لهم.

دخل الى المنزل ووجد والديه جالسان واول ما قال مرحبا اسرعت اليه والدته تحتضنه بشوق الام.

سوزي: اين كنت يا بني لقد قلقنا عليك كثيراً.
قبل رأس والدته ثم رأس والده، وجلس يقول: انا اسف على ذلك فقد كنت احتاج إلى بعض الوقت للبقاء مع نفسي.
سوزي بحزن: لقد كانت هنا منذ قليل.
نظر لها بغير فهم.
والده: انها تقصد سارة.
سوزي: لقد جاءت لتودعنا فهي راحلة.
مسحت دمعه هاربة وقالت: لم لا تلحق بها لابد انهم لم يقلعوا بعد، اذهب اليها يا بني.
كريستيان: لا، لا فائدة من ذلك يا امي. انا مسافر مجددا ولا اعلم كم الوقت الذي احتاجه.
الوالد: خذ وقتك يا بني.
الام: اتصل بي، لا تنقطع مجددا قلبي لا يحتمل ذلك.
كريستيان: اعدكِ سأفعل.

***********

ينظر إلى سارة وآدم بسعادة وخوف، فهو يشعر بكمية المسؤولية التي تقع على عاتقه.

سيحاول ان يكون لهم اخاً ووالداً متى ما احتاجوا الى ذلك.
يبدو ان الشقة قد اعجبتهم.
سيبدأ في الاجراءات لفتح حساب بإسم سارة وتحويل اموال الاراضي التي قام ببيعها ليشتري منزلا، سيسجله بإسم سارة.
لاتزال امواله وحساباته مجمدة لذا لا يستطيع فتح حساب او شراء عقار في الوقت الراهن.

عاد إلى جلسات العلاج الطبيعي، وقد اخبرته سيلا معالجته الفيزيائية ان ركبته بحالة سيئة وعليه الانتباه اكثر.
وفي احدى جلسات العلاج اخبرته انها ستساعده في ايجاد منزل لهم، بعد ان اخبرها نيته في شراء منزل.

وبدأت عملية البحث عن المنزل، كانوا كل ما وجدو منزلا يذهبون سويا لرؤيته ميكائيل وسيلا وسارة وآدم احيانا ان لم يكن في المدرسة.

لاحظت سارة نظرات سيلا الى ميكائيل واهتمامها به، وتجاهله لها في المقابل.
كانو يمرحون ويتحدثون سويا وما ان يلاحظ شيء شخصي حتى يرتدي قناع التجاهل وعدم الفهم!

انها ترى سيلا فتاة جيدة ستحاول التقريب بينهما.

مرت عدة ايام وتأقلمت سارة على الحياة في اسطنبول، بدأ ميكائيل العمل في مصنع.
وهي ايضاً قررت البحث عن عمل بشهادتها الجامعية.

وجدوا منزلا يطابق المواصفات التي يريدونها وبدأو في الانتقال اليه، وكانت سيلا دائما متواجدة تساعدهم في نقل الاشياء وشراء مستلزمات المنزل.

ها قد انتهوا الآن من اعداد طعام العشاء سارة وسيلا سوياً.
آدم في غرفته يلعب وميكائيل يشاهد التلفاز وصوته يتحدث مكالمة فيديو عبر الهاتف.

وفجأة سمعو صوت شيء ما كسر في غرفة الجلوس، ركضوا مسرعين ووجدوا ان ميكائيل قام برمي هاتفه على الحائط وقد تهشم.
سارة: خالي؟
رفع يده امامه في اشارة لتصمت.
كان غاضباً جداً، اخذ سترته وخرج من المنزل.
وبقيت الفتاتان تنظران في اثره.

ذهب إلى حيث الرصيف المطل على البحر وبدأ بالركض يركض متناسيا الم ركبته.

ركض وهو مصدوم مم سمع، فقد اخبره فؤاد اعز اصدقائه انه تم عقد قرانه على ابنة خاله علي وسيكون الزفاف قريبا.
صُعق عندما اخبره بذلك، كانت مكالمة فيديو ولا يعلم ان كان احس فؤاد بإنزعاجه ام لا فلقد اعتذر فورا، ولم يقل له حتى مبارك.

فؤاد اعز صديق له ولا يستطيع تخيل الموقف، الهذا كانت تتجنب الحديث معه والرد على مكالماته؟

عليه ان يحاول مسحها من ذاكرته منذ هذه اللحظة، ولكن عيونها الكحيلة تأبى ترك ذاكرته!

توقف عن الركض وهو يلهث، بدأ يشعر بألم فضيع في ركبته، جلس على اقرب كرسي يطل على البحر.

تلك النار التي تشتعل في قلبه لا يعلم كيف سيخمدها!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي