34

(ميليسا)
تكمله لرواية عَبْهَرَة؛

الاجواء جميلة وحفل الزفاف رائع جدا، كم تحب اجواء حفلات الزفاف.

اليوم هو حفل زفاف اخيها كريستيان على صديقتها سارة، من كان ليتخيل ان سارة وكريستيان سيتزوجان!

اخذت تطوف بين المعازيم وتتأكد من انهم مرتاحون،  اوشك حفل الزفاف على نهايته.
سالي تجلس على احدى المقاعد وتبدو جميلة جدا وهي في شهرها الاخير من الحمل.
اتجهت ميليسا نحو كريستيان وسارة لتقدم لهما هدية الزفاف قبل ان يتوجها الى شهر العسل.

كم هي سعيدة بهذا الثنائي، وجدت والدتها قد سبقتها وبدأت بتهنئة العريسان.

كانت السعادة ظاهرة على وجه كليهما سارة وكريستيان.

وفجأة صرخت دوت في الارجاء، وتتالت بعدها الصرخات.
يا الهي انها سالي سوف تلد!
تبادلتا سارة وميليسا النظرات ثم اسرعن بإتجاه سالي، حاولوا الاتصال بزوجها نوا ولكن هاتفه مقفل، شعرت ميليسا بالارتباك فهي ليست خبيرة في التصرف في مثل هذه المواقف.

بالرغم من اعتراض كريستيان الا ان سارة قد اصرت على مرافقة الفتاتين، فميليسا متوثرة ويجب ان تركز على القيادة، واما سوزي فقد كسرت ساقها منذ يومان وهي تحاول تركيب زينة الزفاف مع العمال، كانت سعيدة لسعادة ابنها وتريد المشاركة في كل شيء.

وافق كريستيان على مضض وسار خلفهم بالسيارة، كان صراخ سالي شديد وكلتا الفاتين توترتا، واخيرا وصلوا الى المشفى.

انزلوها المسعفون من السيارة واركبوها الى كرسي العجلات يدفعونه بها، وهي لا تتوقف على الصراخ، وميليسا وسارة يركضان خلفها، كانت سارة لا تزال بفستان الزفاف.

جلسوا ينتظرون في غرفة الانتظار امام حجرة الولادة، واخيرا ميليسا استطاعت الوصول الى نوا، وزفت اليه الخبر السعيد، وبدوره انطلق مسرعا الى المستشفى.
ذهبت سارة بصحبة احدى الممرضات الى حجرة الممرضات لتغير ثوبها، بعد ان بعتت لها سوزي بالثياب.

وعندما عادت وجدت نوا قد جاء وبصحبته كل افراد اسرته، والدته ووالده واختيه. استغربت حضور الجميع ولكن لم تعلق على الامر، فقط قامت بإلقاء التحية.

وقفت ميليسا بجانبها وهمست لها: اراهن على انك مصدومة من حضور جميع افراد العائلة.
سارة ابتسمت: ايبدو ذلك واضحا على وجهي؟
ميليسا: اجل ياعزيزتي، حسنا سأخبرك بالامر ان عائلة نوا لديهم ابنان، احدهما لا ينجب الاطفال، وهو الابن الاكبر للعائلة فقد تزوج سابقا ولكن لم يرزق بالاطفال، وهجرته زوجته وطلبت الطلاق.
سارة: ولكن نوا لديه ابنته!
ميليسا: اجل، ولكن هم يريدون الولد عزيزتي، ان اصولهم عربية وهم يهتمون كثيرا لهذا الامر!

خرجت الطبيبة من غرفة الولادة وقالت: هل انتم عائلة العامري؟
نظرت سارة نحوهم تشابه القاب فلقبهم كلقبها!
الطبيبة: مبارك لكم الابن والام بخير.
فرح نوا كثيرا وسمحت له الطبيبة بالدخول الى زوجته.

كريستيان: هيا لنذهب لقد مللت الوقوف هنا.
ميليسا: دعنا نهنئ العائلة اولا.

بدأو بتهنئة العائلة وقالت ميليسا: ان سارة زوجة اخي تملك لقبا مشابها لكم هي ايضا تدعى العامري.
والدة نوا: حقا؟ تشرفنا بالتعرف عليكم.
وبعد حديث قصير بين النساء خرجت ميليسا وسارة بحثا عن كريستيان في مكان ركن السيارات، فقد سبقهم الى السيارة بعد ان شعر بالملل الرهيب.

صعدت ميليسا الى سيارتها وانطلقت الى المنزل وخلفها كريستيان وسارة في سيارتهم، اللذان سيتوجهان الى الفندق.

كانت ميليسا لا تزال في ثياب الحفل، وقررت انها فور ان تصل إلى المنزل ستستحم وتنام فقد كان يوماً مرهقا، هي تتمنى ان يكون جميع الضيوف الذين يقيمون في منزلهم قد ناموا، ليس لها طاقة لتجلس مع اي احد الآن، لقد كان يوما متعبا.

كان الضيوف المقيمون لديهم هم ميكائيل خال سارة وزوجته ملاك وبالطبع آدم المشاغب.
ذهبت مباشرة إلى غرفتها فعلى مايبدو ان الجميع قد نام.

في الصباح، ارتدت ثيابها وانطلقت الى العمل، عليها ان تغطي مكان اخيها لمساعدة الاداريين حتى يعود من رحلته هو وسارة.

كانت تقود وهي تستمع إلى احدى اغاني الصباح المنعشة، ولكن فجأة لم تعد تستطيع السيطرة على السيارة، جاهدت للسيطرة عليها وبمعجزة الاهية استطاعت ايقافها دون التسبب لنفسها بالقتل او بحادث سير.

نزلت من السيارة وهي ترتعش، وعندما نظرت حول السيارة وجدت مكتوب على السيارة "لن اتوقف، انتبهي". في الصباح هي لم تلاحظ هذه الكتابة، ركبت سيارتها وانطلقت.

لم تعلم كيف تتصرف، لا تريد الاتصال بأخيها كريس وازعاجه الآن او السبب له بالقلق، بعد تفكير بسيط قررت الاتصال بالشرطة.

وبعد عدة دقائق جائت الشرطة واخذو اقوالها وثم بدأو بفحص السيارة.
اتصلت هي بالشركة لتخبرهم انها ستتأخر.

كانت سيارة الاسعاف قد جائت مع سيارة الشرطة، ونادى عليها المسعف ليقوم بفحصها.
بعد ان اكملت الفحص اخبرها الشرطي ان بإمكانها العودة إلى منزلها وسيرسلون لها تقرير بسبب الحادثة الى عنوان منزلها.
ولكنها اعترضت وقالت له ان عليه ان يرسله لها على عنوان عملها الى رقم مكتبها مباشرة، واكدت على الشرطي ذلك.

استقلت سيارة اجرة واتجهت إلى الشركة، لا تريد ان يراها والداها في هذه الحالة خصوصا ان الشرطة لم تخبرها شيء بعد، وكان حادث عرضي ام حادث مفتعل.

وصلت الى الشركة ودخلت مكتبها وطلبت كوب من عصير البرتقال، استغربت مساعدتها طلبها ولكن لم تعلق.

كانت تعمل وتحاول التغاضي عما حدث لها اليوم بالانغماس في العمل، ولكن غصبا عنها كانت تفكر فيما كان احد ما حاول حقا ايذائها او التسبب في مقتلها ام كانت مزحة ثقيلة!

رن هاتفها واجابت فورا وبسرعة علهم يكونون الشرطة، ولاحظت نفسها كم هي متوترة وقلقة.

اجابت: نعم!
قال المتحدث: ميليسا؟ مرحبا، كيف حالك؟
كان المتحدث رجل.
ميليسا: اجل، من المتحدث؟
- هل نسيتي صوتي؟
- من انت يا هذا؟ ليس لدي الوقت لهذه التفاهات.
- انا مايكل يا ميليسا، هل نسيتيني حقا، خطيبك السابق!
فقدت دقة من قلبها، ارتجفت قدميها وجلست على كرسي المكتب، وارتشفت رشفة من عصير البرتقال.

لم تكن صدمتها بسبب حب سابق او شوق مدفون، لا انما خوفاً فمايكل لم يحاول التواصل معها منذ ان وضعته على قائمة الحظر في ذاك اليوم!
ايعقل ان يكون هو من هددها وحاول قتلها، اهو من كتب تلك الرسالة على السيارة، ولكن لماذا قد يفعل ذلك؟
الينتقم؟ ولكن هي من كان يجب ان تنتقم وليس هو! هي من تم خيانتها والغدر بها، هي الضحية.

- اين ذهبتي؟ ام نسمات الشوق قد قطعت انفاسك؟
استعادت رباطة جأشها، يجب ان لا يشعر بخوفها.
- ماذا تريد يا مايكل؟
- اريد ان التقيك يا ميليسا، عليكِ ان توافقي على ذلك، ونستطيع المقابلة في ذلك المقهى الفرنسي الذي ترتادينه دائما.
- م م ماذا؟ اكنت تراقبني؟
- اراقبك؟ لا تكوني سخيفة ميليسا لقد كنتِ خطيبتي.
قررت الانتهاء من هذا بأسرع ما يكون.
- حسنا، ارك مساءاً اذا بعد ان ينتهي دوام عملي في الشركة.
- اوه حقا لم اتوقع قبولك بهذه السرعة، ولكن هذا جيد.
- حسنا، الى اللقاء مساءاً اذا.
اقفلت الخط وهي محتارة، يا ترى ماذا يريد منها هذا المعتوه، ولم حاول قتلها، هل من الحكمة ان تلتقي بشخص أراد قتلها!؟
ولكن عليها ان تواجهه، وان تنهي هذا الامر بسرعة.

مر النهار كعادته سريعا على البشر، الا ميليسا فقط مر عليها طويلا مربكا، فصدمتان في نفس اليوم قويتان عليها.
استقلت سيارة اجرة حيث ان سيارتها ما تزال محتجزة عند الشرطة، ثم اتصلت بوالدتها، تخبرها انها ستلتقي بصديق قديم، فإن تأخرت يجب ان تتصل بها، لانها لا تريد التأخر ولكن قد تجد من المحرج الانسحاب سوى بعذر.
"كوالدة قدمها مكسورة تحتاج الى الرعاية مثلا" قالت سوزي وهي تمزح.
ولكن ميليسا لم تكن في مزاج للمزاح فأنهت المكالمة سريعا، وكانت قد وصلت إلى المقهى، وما ان دخلت حتى استقبلها النادل بقوله: آنستي السيد مايكل ينتظرك في الطاولة رقم 2.
نظرت حولها، ان مايكل لن يستطيع فعل شيء لها في مثل هذا المكان المكتظ، وهي لن ترافقه الى اي مكان ابدا، حتى وان عرض عليها توصيلة، وان فعل ذلك فستتأكد انه الفاعل وهو من حاول قتلها لانه يعلم انها لا تملك سيارة.

وصلت الى الطاولة وجلست بعد ان القت التحية، كانت تنظر له بريبة.
- انا لست سفاحا يا ميليسا!
قفزت من الخضة والمفاجأة، وقالت: لم تقول ذلك؟
- مظهرك وانتي قادمة نحو الطاولة وكأنك قادمة الى حبل مشنقة.
ابتسمت ابتسامة باهتة وقالت: هيا ما الذي تريد قوله، انا في عجلة من امري ووالدتي تنتظرني في المنزل ولا اريد التأخر عنها.

نظر لها مطولا ثم قال: دعينا نأكل اولا.
لا تريد ان تفتعل مشهد الان فوافقت على طلبه، واخبرته ان يطلب لها ما يشاء.

بعد ان احضر النادل القهوة والفطائر المحلاة، بدئوا بالاكل وحاولت سحب الحديث منه اثناء الاكل.
وكل ما اخبرها به انه يريد فرصة اخرى لعلاقتهم، وهي لم تعلم بم تجيب فقالت له ان يمنحها بعض الوقت للتفكير.

والان، جائت النقطة الفارقة وجاء وقت الرحيل، خرجا سويا الى الشارع، وقفت امام باب المقهى ثم ادعت انها نسيت شيئا ما على الطاولة وعادت داخل المقهى، وعندما خرجت وجدت انه قد استقل سيارته وسار مبتعدا.
وقفت تشاهده يبتعد وهي تسير بخطوات مهزوزة غير منتبهة الى خطواتها، حتى اصطدمت بشاب امامها.
- هاي! انظري امامك ام حبيب القلب هجرك وستبدئين في البكاء.
نظرت امامها ورمشت عدة مرات، كان شاب طويل ويبدو مستهتر.
- لم لا تهتم لشئونك؟
- سأفعل ان ابعدتي حذائك عن قدمي.
نظرت الى الاسفل فوجدت نفسها تدوس على قدمه، أإلى هذه الحال وصل بها الامر!
- انا اسفة لقد مررت بيوم عصيب.
- هذا واضح!
قالت: اجل. ثم استدركت كلماته ولكن ماذا تقصد؟ ثم ماشأنك بي؟

التفتت لتستقل سيارة اجرة، وبقيت واقفة ولكن للأسف لم تمر اي سيارة اجرة، يا إلهي اي حظ تملكه اليوم!؟
عاد الشاب وبيده كوب قهوته، نظر ناحيتها فأشاحت بصرها بعيدا، لم يبدو لها مألوف؟
قال لها: الا تعلمين ان سيارات الاجرة تم منعها من عبور هذا الشارع.
ميليسا: حقا!؟
هل هو من حاول قتلها ويريد الآن اختطافها!؟
ميليسا: ولكن انا اتيت بسيارة اجرة الى هنا!
الشاب: اجل، مسموح لهم فقط بالتوصيل لا غير، واغلب زبائن هذا المكان يملكون سيارات، فأعتقد انكِ ستمضين الكثير من الوقت لتحصلي على واحدة.
يا له من متكبر فكرت ميليسا، هل يعتقد حقا ان الاغنياء فقط من يمتلكون سيارات!
- هل تريدين ان اوصلك؟
- ماذا؟ لا لا لا شكرا.
مر بتفكيرها انه لابد هو الشخص الذي حاول قتلها.
- هل انتم طبيعية ايتها الفتاة؟ يبدو حقا انكِ تعانين من صدمة ما!
هل يحاول استدراجها ليعرف مدى خوفها ورعبها!
قال مرة اخرى: اهو بسبب ذلك الشاب الذي كنتي واقفة تراقبينه، هل انفصل عنكِ؟
كانت تنظر له مذهولة كيف يحور الكلام ويستنبطه، فقالت بغضب: وما شأنك بي ها؟ ان كنت مجنونة ام لا فهذا شأني انا وليس انت!

فجأة بدا منسحبا فقال: حسنا انا اسف اعتذر لو كنت ازعجتك يا آنسة، انا اتعامل مع شركة سيارات اجرى بحكم عملي، وسأتصل بهم ليحضروا لكِ سيارة.
قفز عقلها، ماذا؟ يحضر لي هو سيارة؟ اهو يحاول طريقة اخرى ليخطفها!؟
- لا اريد منك شيئا فقط اتركني واذهب.
- يبدو ان حالتكِ متقدمة للأسف.
ذهب الى داخل المقهى وتركها، وبعد عدة دقائق مرت واخيراً سيارة جرى من امام المقهى، فأسرعت لإيقافها.
انطلقت بها السيارة ولا تعلم لماذا التفتت الى الخلف ناحية المقهى، فوجدت ذلك الشاب يقف امام المقهى مرة اخرى وينظر ناحية سيارة الاجرة وهي تبتعد وهو مبتسم!
صعقت، ايعقل ان تكون هذه السيارة تابعة له وقد تم اختطافها فعلا، حتى انه لوح لها بيده عندما رآها تنظر ناحيته.
يا إلهي ماذا فعلت، لا تريد ان تلفت انتباه سائق الاجرة انها كشفتهم، سائق الاجرة الذي لا ينفك ينظر اليها عبر مرآة السيارة.
حسنا ستتصل الآن بوالدتها، والتي على مايبدو انها نسيتها فلم تتصل بها كما اتفقتا.
بعد عدة رنات اجابتها والدتها وبدأت ميليسا تتحدث مع والدتها وتخبرها انها لن تتأخر!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي